المسلم المعاصر وتحديات السينما موقع القرضاوي/10-6-2009
يتناول فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي-رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- في هذه الحلقة قضية شائكة وهي العلاقة بين المسلم المعاصر وفن السينما الذي فرض نفسه واقعا في حياة الناس، وإن اختلف عما كان عليه من قبل. وتطرح الحلقة تساؤلين: هل تبلور موقف واضح لعلماء الدين من السينما؟ وهل يمكن الحديث عن السينما كفن بمعزل عن تاريخ السينما العربية بشكل عام؟
عثمان عثمان: السلام عليكم مشاهدينا الكرام وأهلا ومرحبا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة تأتيكم مباشرة من الدوحة. السينما سواء أحببنا أم لم نحب هي القوة التي تصوغ أكثر من أي لغة أخرى الآراء والأذواق واللغة والزي والسلوك لجمهور عريض من الناس، وقد التفت الإسلاميون مبكرا إلى الفنون فقد اهتم الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين بتنمية الكوادر الفنية الكامنة في نفوس الشباب الإخوان الذي التفوا حوله، وبدا واضحا حرصه على ألا يقتصر الأمر على جهود فردية فوجه شقيقه الشيخ عبد الرحمن البنا لتأسيس مسرح الإخوان في ثلاثينيات القرن العشرين بعد مرور أعوام قليلة على نشأة الجماعة وكانت باكورة أعماله مسرحية رومانسية هي جميل بثينة، وكان بعض قمم المسرح العربي من الإخوان المسلمين في حينها. ولكن جرت في وادي الفنون عامة والسينما خاصة مياه ملونة أدت إلى رفض بعض المتدينين للسينما وتصنيفها ضمن صنف الرذائل المحرمة، فهل يمكن التصالح مع السينما اليوم؟ المسلم المعاصر وتحديات السينما موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مرحبا بكم فضيلة الدكتور؟
يوسف القرضاوي: أهلا بكم يا أخ عثمان.
تأثير السينما وجوانب التحريم فيها
عثمان عثمان: ربما بعد هذه الحلقة سنسمع الكثير من الانتقادات حول طرح هذا الموضوع في برنامج الشريعة والحياة، ما أهمية الحديث عن السينما اليوم؟
يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأزكى صلوات الله وتسليماته على رحمة الله للعالمين وحجته على الناس أجمعين سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه وسار على دربه إلي يوم الدين. أما بعد، فلا حرج علينا أن نتعرض لموضوع السينما وغيره لأن مهمة هذا البرنامج أن يتعرض لكل ما يشغل الناس في حياتهم من أمور الحياة المختلفة، المعيشة والاقتصاد والسياسة والفن والعلم والأدب، كل الأشياء التي تهم الناس ويسألون فيها عن موقف الشرع منها، هنا يدخل فيها البرنامج، فلا حرج علينا أن نتحدث عن السينما والسينما لا شك لها جمهورها الكبير الذي يتعلق بها ويهتم بأمرها ويبذل فيها ما يبذل من مال ووقت وجهد وإلى آخره.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا السينما اليوم فرضت نفسها كواقع في حياة الناس، طبعا لم تعد كما كانت بالأمس، هل تبلور موقف واضح لعلماء الدين من السينما؟
يوسف القرضاوي: السينما لم تعد كالأمس، يعني بالأمس كانت هي أهم مما هي اليوم، لأن ظهور التلفزيون يعني خفف كثيرا من تأثير دور السينما في الحياة، الأفلام التي تظهر ويراها الناس في السينما ويدفعون فيها مبالغ كذا، بعد مدة قليلة يعني تظهر في التلفزيون، فلم يعد دور السينما كما كان، بقي أناس كثيرون يحبون أن يروا الفيلم في أول ظهوره ولكن يعني أنا أقول إن المهم الأخطر الآن هو التلفزيون ولكن هذا لا يعني أن دور السينما انتهى. موقف الدين من السينما أستطيع أن أحدده يعني في ثلاثة أصناف من العلماء أو من الدعاة أو من الإسلاميين، هناك صنف يرفض السينما رفضا مطلقا من أساسها ولا يعطيها أي شرعية وهؤلاء معظم أخواننا السلفيين الذين يحرمون التصوير، والسينما قائمة على التصوير، فهؤلاء سواء كان موضوع السينما مقبولا أو مردودا حلالا أو حراما يرفضون السينما في حد ذاتها لأنها تقوم على التصوير، هذا أمر، الأمر الثاني أنها تقوم على التمثيل والتمثيل في رأيهم يقوم على الكذب، أنه بيعمل قصة، واحد بيخترع قصة يعني درامية فيقول لك هذا يخترع واقعا ليس موجودا والشخص الذي حيمثل دور البيه أو الباشا أو الشيخ أو الفلاح أو كذا هو مش شيخ ولا فلاح فهذا بيقولوا لك كذب، فهؤلاء يرفضون السينما، يرفضونها أيضا لأنها تقوم على الموسيقا حتى هناك ضروري في السينما ما بين الفقرات والأخرى ما يسمونه الموسيقا التصويرية، هناك أناس يحرمون الموسيقا كلها تصويرية غير تصويرية فهؤلاء يرفضون السينما من أساسها. وهناك أناس يائسون من السينما يعني يقولون إن السينما مستحيل أن تكون يعني قريبة من الدين أو للإسلام فيها دور، من هؤلاء الكاتب الكبير الأستاذ محمد قطب في كتابه "منهج الفن الإسلامي" يقول إن السينما لا يمكن أن يدخل فيها الإسلاميون أو يكون للإسلام فيها نصيب لأنها بصورتها الحالية ومواريثها الفنية والثقافية أبعد ما تكون عن الإسلام، بعيدة عن الجو الإسلامي تمام البعد، فهذا يعني صنف. الصنف الثاني وهو أعتبره..
عثمان عثمان (مقاطعا): الصنف الثالث.
يوسف القرضاوي: الوسط وهو الذي نتبناه، القبول الجزئي للسينما بشروط معينة يجب أن أذكرها يعني حينما ندخل في الموضوع سنذكر الشروط التي بها يقبل الفيلم السينمائي في نظر الإسلام وفقهاء الإسلام.
عثمان عثمان: طبعا سنناقش أيضا ونفند آراء، الرأي الأول الذي ذكرتموه حول السينما، حول الموسيقا، وحول التمثيل إلى غير ذلك. فضيلة الدكتور يعني كما ذكرتم قول الكاتب محمد قطب انطلاقا منه هل تعتبرون أن السينما فن؟
يوسف القرضاوي: السينما فن قطعا، هو لم ينكر فنية السينما إنما أنكر أن تكون فنا إسلاميا، وأنه هي آخر الفنون قبولا للأسلمة لكي نجعلها إسلامية ونوع من نصنع سينما، بيقول هي آخر هذه لأنها بما أحيط بها من نشأتها في البلاد العربية ومن تأثرها بالسينما الأميركية في هوليوود وهذه الأشياء تحمل أشياء تبعدها عن الجو الإسلامي تماما ولا يمكن أن تكون فنا، هي قطعا من الفن من فن الدراما يعني مثل المسلسلات ومثل التمثيليات ومثل المسرحيات كل هذا داخل في الفن من غير شك.
عثمان عثمان: هل يمكن الحديث عن السينما كفن بمعزل عن تاريخ السينما العربية بشكل عام؟
يوسف القرضاوي: هل؟
عثمان عثمان: يمكن الحديث عن السينما وكونها فنا بمعزل عن تاريخ السينما العربية وما بث فيها؟
يوسف القرضاوي: ما نستطيع، لا بد السينما يهتم أصحابها، تاريخها ونشأتها وتأثير الممثلين الأوائل والمنتجين الأوائل وكتاب النص والسيناريوهات، علينا أن طبعها بطابع النشأة لها أهمية يعني تجد مثلا أول إذاعة في البلاد العربية الإذاعة المصرية عملت طابعا معينا أنه مثلا تبدأ بالقرآن الكريم، أصبح هذا طابعا عاما، النشرات تبدأ بسم الله الرحمن الرحيم أصبح هذا طابعا عاما، أن النشرات تكون باللغة الفصحى أصبح هذا، فنشأة كل شيء يعني يؤثر عليه، على المدى الطويل.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا نأخذ آراء من الشارع السوري من دمشق.
[شريط مسجل]
مشارك1: السينما حسب مضمون ما يعرض على الشاشة إذا كان طيبا فهو طيب وإن كان غير طيب فهو غير طيب.
مشارك2: حرام إذا استعملت بالحرام وإذا استعملت بالحلال فهي حلال، فهي ذات حدين يعني.
مشارك3: السينما إذا كانت هادفة في عندها رسالة ما في مشكلة، إذا موضوع فيه يعني بيهم المسلمين ما في مشكلة عليهم.
مشارك4: إذا فيلم جديد وبيجدر أن الواحد يزوره وما بيتعارض مع الأخلاق العامة والشرع الإسلامي فما عندي مشكلة أنه أروح وآخذ عائلتي معي وأولادي يتعرفوا على السينما وبنفس الوقت أنه نوع من أنواع الترفيه لهم.
مشارك5: الأفلام يعني تنزل إلى مستوى هابط من الأخلاق يعني تشد الشباب والصبابا إلى أخلاق تافهة وإلى أخلاق منحطة طبعا وقتها بتكون السينما هدامة وليست بناءة، أما أنه مثلا يا ترى أنه هل هذا حلال أو حرام؟ لا، طالما هي هادفة، هادفة لبناء الإنسان وشرف الإنسان ما هي حرام.
مشارك6: إذا كانت السينما فيها معصية لله عز وجل وتدعو إلى عدم الأخلاقيات، عدم الرجوع إلى أوامر الله عز وجل فهذه منهى عنها.
مشارك7: حسب الفيلم ممكن نروح، قضايا اجتماعية معاصرة ممكن أثناء الفيلم نشوف أنه ممكن يكون في حلول للمشاكل هذه مشاكل الشباب مشاكل معينة، ممكن يكون هذه ما فيها معصية أنا برأيي وأنا من الناس اللي بأتابع هيك أفلام طبعا. أفلام أخرى طبعا بسياق آخر يعني اللي بتتحدث مثلا ممكن عن الجنس على أمور أخرى طبعا هذه فيها معصية أكيد والروحة لها يعني كمان معصية وحرام.
[نهاية الشريط المسجل]
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور هل أنتم متفاجئون بهذه الآراء، أن هناك، خاصة أن هناك وجوها إسلامية تتحدث عن السينما بالوجه الإيجابي؟
يوسف القرضاوي: هم ركزوا على موضوع واحد أنه تكون يعني القصة السينمائية هادفة وهذا يعني أحد الموضوعات في السينما، أنا لكي أقول إن السينما حلال ويجوز للإنسان أن يذهب إليها ويأخذ أولاده وعائلته معه أشترط عدة شروط ولو ذكرتها من قديم في كتابي "الحلال والحرام" من خمسين سنة تماما، أول هذه الشروط أن يكون الموضوع لا غبار عليه من الناحية الإسلامية، لا يخالف العقيدة ولا الشريعة ولا الآداب ولا الأخلاق الإسلامية، إذا كان المشروع مخالفا لهذه الناحية مرفوض، فهذا النص الأساسي. وبعدين التمثيل نفسه لا يكون مشتملا على شيء محرم، ممكن يكون النص ما فيه شيء ولكن في امرأة متبرجة، ما حدش من الأخوة تكلم أنه طيب هل يجوز لنا ولو الفيلم جيد إنما في مناظر لا يصح للمسلم أن يراها..
عثمان عثمان (مقاطعا): لدي العديد من الأسئلة حول هذا الموضوع.
يوسف القرضاوي (متابعا): للأسف أنه حتى في فيلم كان اسمه "ظهور الإسلام" لكن لا يخلو الفيلم من مناظر الرقص والخمر والحاجات اللي زي كده، احتالوا على هذه الأشياء في فترة الجاهلية وجابوا الجاهلية والرقص وبيشربوا الخمر وطولوا في هذه الأشياء، فرق في أنك تجيب لمحة يعني خاطفة تدل على هذا وفرق أنك تيجي وتطول في موضوع يعني فلا بد أن لا يكون هناك مع الموضوع،ألا يكون في التمثيل نفسه شيء محرم. الأمر الثالث ألا يكون هناك تلاصق بين الرجال والنساء، نحن نعرف أن الإسلام له فلسفة معينة في اختلاط الرجال بالنساء فلا يجوز أن يتماس الرجل والمرأة يبقى قاعد في مقعد وحواليه امرأة من هنا وامرأة من هنا والوقت والسينما تكون في ظلام طبعا معروف هذا، هذا لا يجوز الإنسان أن يقبل هذا على امرأته أو على ابنته أو على أخته، فلا بد أن يكون هناك أماكن مقاعد للرجال ومقاعد للنساء أو مقاعد للعائلات ومقاعد يعني بحيث ألا يحصل هذا التماس والتلاصق المحرم. الأمر الرابع ألا تؤدي إلى ضياع وقت صلاة، يعني ما يصحش المسلم أن يدخل من الظهر إلى المغرب فيضيع وقت العصر، أو يدخل من قبل المغرب إلى بعد العشاء فيضيع وقت المغرب، إذا كنا في مجتمع مسلم حقيقة لا بد أن نهيئ أوقات الأفلام بحيث لا يضيع على مسلم صلاة فرض، هذه هي الأشياء التي أشترطها لكي نجيز السينما بصفة عامة.
مواقف علماء الدين وواقعية الدعوة لسينما إسلامية
عثمان عثمان: يعني قرأنا فضيلة الدكتور آراء لعدد من الكتاب الإسلاميين منهم من يعتبر السينما فسادا عظيما منهم من يعتبرها أداة لإلهاء الشعوب عن واقعها المرير منهم من يصفها بالمؤامرة، بعد مرور هذا الوقت وبعدما قدمتموه الآن من شروط حضور السينما، كيف ترون هذه الآراء بعد مرور الزمن؟
يوسف القرضاوي: هو يعني في هناك أناس دائما يبالغون في تصوير الأشياء ودي طبيعة البشر، طبيعة البشر أن هناك من يهون من السينما وهناك من يدعو إلى السينما ويرى أن السينما مدرسة مهمة وأنها يتعلم منها الشعب وأن كذا وأن كذا ولا يبالي ما فيها من منكرات أو محرمات أو انحرافات وهناك أناس يبالغون في ردها كما قلت لك، هناك من يرفضها من الأصل يعني بيقول لك التصوير حرام، يعني إحنا تكلمنا في بعض الحلقات قلنا إن التصوير الفوتوغرافي هذا ومثله التصوير السينمائي هو يعني عكس، الخليجيون يسمون التصوير عكس والصور عكوس والمصور عكاس ويقول لك إنه حنروح نجيب العكوس من العكاس، يعني فهي عكس كما تنعكس الصورة في المرآة، غاية ما في الأمر أنه إحنا أصبح بوسائل معينة ثبتنا هذه الصورة فالبعض يعني ممن يتشددون من أخواننا السلفين -الآن أصبحوا أكثر تساهلا- كانوا يمنعون التصوير مطلقا ولا يجيزون لأحد أن يأخذ صورة إلا للضرورات زي البطاقة الشخصية أو جواز السفر أو نحو ذلك، الآن بعضهم لما اضطروا أن يدخلوا الانتخابات ومعارك مجالس النواب وهذه الأشياء وملأت صورهم الشوارع بعدما كانوا بيهاجموني لما ذكرته في كتابي "الحلال والحرام" أصبح هذا الرأي هو السائد عندهم يعني الأمور بتطور، ولذلك أنا أرى أن الرأي الوسط هو الذي يجب أن نتبناه في هذه القضية.
عثمان عثمان: يعني على النقيض من آراء أولئك وجدنا آراء لبعض الإصلاحيين فقد نشرت جريدة الأخبار القاهرية في 31 مايو 1991 تحت عنوان "الشيخ نايل في دار الأوبرا يسمع الموسيقا ويشاهد المسرحيات ويقول هذا من الزينة الهادفة للتقويم وترقية الذوق العام"، يعني بعد أن عرضت الجريدة مواصفات الدكتور قالت "هو العميد الأسبق لكلية اللغة العربية، عضو مجمع اللغة العربية والمجلس الأعلى للشوؤن الإسلامية، يوجه السؤال إلى الشيخ، اندهش البعض من ذهاب فضيلتك وأنت رجل معمم إلى دار الأوبرا فما رأيك؟ أجاب قائلا هذا البعض لعله لا يعرف أن سماع الموسيقا أو شهود عروض دور السينما أو المسرح لا يقدح في دين المرء ولا في سلوكه ولا في أخلاقياته" ثم يقول "أنا أذهب إلى الأوبرا وإلى السينما ومع زوجتي وأبنائي كثيرا جدا للمتعة والمعرفة والترويح عن النفس". البعض اليوم فضيلة الدكتور يتحدث عن سينما إسلامية، هل يمكن الحديث عن سينما إسلامية؟
يوسف القرضاوي: أولا شيخنا الشيخ نايل هو من شيوخنا الأفاضل ومن الشيوخ يعني التحرريين يعني..
عثمان عثمان (مقاطعا): طبعا هناك الشيخ المراغي أيضا شيخ الأزهر..
يوسف القرضاوي (متابعا): لكن أنا لا أوافق على مثل هذا، يعني لا أوافق أن الشيوخ الكبار يذهبون إلى الأوبرا وهذه الأشياء يعني إلا في موضوعات معينة لو في يعني شيء معين له قصة معينة أو هدف معين، إنما لا أرى أنه من المناسب للمشايخ الدعاة أنهم يذهبوا إلى مثل الأوبرا هذه.
عثمان عثمان: طبعا هو يقول إن شيخ الأزهر الشيخ المراغي حضر أول عرض لأحد الأفلام السينمائية أيضا. الحديث عن السينما الإسلامية اليوم فضيلة الدكتور هل هو حديث واقعي؟
يوسف القرضاوي: طبعا هناك محاولات من قديم لإيجاد فن إسلامي كما ذكرت في المقدمة أن الشيخ حسن البنا في الثلاثينيات حاول أن يوجد مسرحا إسلاميا وأن يستعين ببعض الفنانين وكان له علاقة ببعض الفنانين مثل أنور وجدي وحسين صدقي وغيرهم، ومن بعد ذلك حاول كثير من العلماء حتى الشيخ الصواف رحمه الله جاء هنا إلى قطر ومر في مصر ومر في عدد من البلاد من حوالي يعني يمكن 35 سنة أو نحو ذلك، يريد أن يفعل فنا إسلاميا وخصوصا في باب التمثيل وباب الأفلام وباب المسلسلات وهذه الأشياء وجمع بعض الأموال وحاولوا بعض المحاولات لم تنجح، بعد ذلك جاءت محاولات بعض الأخوة في بلاد الخليج وبعض الأخوة في مصر ومنهم أخونا حسن يوسف وبعض الأخوة في تركيا صنعوا بعض الأشياء في تركيا وصنعوا يعني فيلما كرتونيا للقائد الإسلامي الكبير محمد الفاتح، فاتح القسطنطينية والآن في يعني شركات إسلامية بتحاول أن تعمل فنا إسلاميا ويمكن في رمضان القادم هذا سيظهر فيلم عن الحسن والحسين ومنذ فترة ظهرت مسلسلات مثل عمر بن عبد العزيز، نور الدين الشريف، جمال الدين الأفغاني، مثلهم الأخ محمود ياسين، وحسن يوسف مثل الشيخ الشعراوي والشيخ المراغي، يعني هناك فيلم الرسالة، مسلسل عمر المختار، يعني مع أن بعض الناس اعترض على فيلم الرسالة ولكن كان له تأثير هائل على المستوى العربي وعلى مستوى اللغة الإنجليزية لأنه أول ما عرض عرض باللغة الإنجليزية وأظنه بقي باللغة الإنجليزية عمر المختار هو الذي ترجم إلى العربية ورأيناه وكان له أثر حسن يعني إذا كان النص جيدا وعملية السيناريو يعني جيدة والإخراج جيدا والتمثيل جيدا ويعني الموضوع لأن أصل الفن يحتاج إلى ليس مجرد تمثيل، قبل التمثيل يبدأ بكتابة النص، يكون النص مكتوبا بلغة أدبية عالية وواضحة وسلسلة والموضوع ليس عليه بأس من حيث المعنى ومن حيث المفهوم والهدف، هذا أمر مهم وبعدين كيف يخرج وكيف يصور وكيف يمثل هذا كله مجموع هذه الأشياء من يريد عملا فنيا إسلاميا يحتاج إلى كل هذه الأشياء مش محتاج بس إلى ممثل، في ممثل ومصور ومخرج وكاتب ويعني كل هؤلاء يكونون هذا الأمر.
عثمان عثمان: كما ذكرتم يعني سيدي أن الكثير من هذه الأفلام كانت تاريخية وكانت دينية ويعني هل يقتصر الوضع على هذا الشكل وعلى هذا النمط من التمثيل السينمائي أم أن المطلوب أيضا أن نتوسع في مجالات أخرى؟ يعني أنتم كان لكم دعوة إلى العمل الدرامي الإسلامي.
يوسف القرضاوي: إذا لم ندخل إلى الأفلام الاجتماعية وأفلام الحياة المختلفة لن ننجح إذا بقينا في الإطار الديني وفي الإطار التاريخي فليس هذا هو الفن المطلوب، هناك يعني نواحي اجتماعية كثيرة يدخل فيها الفن، وكثير مما يعرض، يعني أنا أشاهد أحيانا بعض المسلسلات الاجتماعية وأراها نافعة جدا لولا يعني القضية قضية التبرج والمرأة وإدخال بعض الأشياء ليست لازمة لزوما ذاتيا للفن، هذه الأشياء التي تفسد، إنما هذه المسلسلات الاجتماعية وبعض الأفلام الاجتماعية وبعض المسرحيات يعني تعالج مشكلات، فلا بد لكي نقدم فنا نقول عنه إسلاميا أن ندخل في الحياة لأن الحياة ليست دينا فقط، هو لما ترى قصة مثل قصة يوسف في القرآن، هذه قصة تمثل الحياة المختلفة، الأسرة، الآباء مع أبنائهم، الأخوة مع بعضهم البعض، الرجل حينما يعمل في القصور، المرأة حينما تتعلق بالرجل وحينما تريد أن توقعه في شراكها وحينما يتآمر النسوة بعضهم مع بعض وحينما يدخل الإنسان السجن متهم ظلما ويقضي فيه بضع سنين وماذا يفعل في داخل السجن وعلاقة هذا بالملوك وأحلامهم ورؤاهم وتعبير الأحلام والمجاعات والأشياء، شوف قصة يوسف هي قصة الحياة. فلكي تنجح لا بد أن تدخل في الحياة بمختلف جوانبها.
عثمان عثمان: إذاً هناك مشكلات للسينما فضيلة الدكتور نتناولها إن شاء الله بعد وقفة قصيرة، فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود وإياكم إلى متابعة هذه الحلقة فابقوا معنا.
مشكلات السينما وسبل تجاوزها
عثمان عثمان: نتابع معكم مشاهدينا الكرام من جديد هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان المسلم المعاصر وتحديات السينما مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. فضيلة الدكتور قبل أن ندخل في مشكلات السينما دعنا نتابع هذا التقرير الذي يسلط الضوء على واقع السينما العربية عامة والمصرية بشكل خاص.
[تقرير مسجل]
سمير عمر: هذه العبارة الشائعة لدى رواد السينما تضع الحد الفاصل بين ما تقدمه الشاشة الفضية من أعمال جادة تخاطب العقل وأخرى تثير الغرائز، وتاريخ شريط السينما العربية يذخر بالنوعين مع الأخذ بالاعتبار ما يعرف بالموجات السينمائية التي تجعل أحدهما يطغى على الآخر في فترة من الفترات، ولعل طغيان ما عرف بأفلام المناظر في وقت من الأوقات هو ما خلق حالة الخصام بين الملتزمين دينيا وبين دور العرض السينمائية، وتمددت حالت الخصام مع ظهور أعمال سينمائية تعرضت لظاهرة التشدد الديني بطريقة استهدفت تشويههم كما يقولون، وبزوغ عدد من مبدعي الفن السابع اقتحموا فضاءات جديدة ووضعوا أمراض اجتماعية عديدة تحت مجهر شريط السينما ونقلوا تفاصيل الحياة بصورة جريئة وهو ما كان محل انتقاد من قبل البعض. ولكن كيف يمكن ترميم العلاقة بين الملتزمين دينيا وبين السينما؟ وهل يمكن تقديم أعمال سينمائية جادة وممتعة دون الوقوع فيما يسميه البعض فخ المشاهد الجريئة والعبارات المبتذلة التي تغازل شباك التذاكر؟
ماهر زهدي/ ناقد فني: ما شهدناه على الأقل في العشرين سنة اللي فاتت ما هو ضرورة فنية قوي أنه أنا أضع هذه المشاهد خلال العمل الفني، ويمكن البحث عن حلول وهي كثيرة جدا.
سمير عمر: إذاً فالمشكلة تكمن من وجهة نظر الكثير من النقاد في كيفية توظيف هذه الجمل الحوارية وتلك المشاهد الجريئة ضمن سياق درامي متماسك ومن ثم الإفلات من الوقوع في فخ الابتذال أو الاتهام بالسعي نحو إثارة الغرائز، وهو ما سبق وأن نجحت السينما المصرية في تقديمه أثناء فترة توهجها الأولى منتصف القرن الماضي ومن خلال أعمال مهمة تصدت لظواهر اجتماعية وسياسية طوال تاريخها بينما أخفقت في كثير من الأحيان في السنوات الأخيرة. ويبقى التحدي قائما ليس فقط أمام السينمائيين من أجل تقديم أعمال توازن بين حرية الإبداع والالتزام بقيم المجتمع ولكن أيضا أمام جمهور السينما القادر على دفع السينمائيين إلى احترام اختياراته وذلك عبر شباك التذاكر، ساعتها قد يتصالح الملتزمون دينيا مع الشاشة الفضية. سمير عمر لبرنامج الشريعة والحياة، القاهرة.
[نهاية التقرير المسجل]
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور معارضو السينما يرون أن السينما العربية والغربية على السواء لعبت دورا كبيرا في تخريب العقل العربي وفي تشويه القيم والأخلاق مما دفع الكثير من أبنائنا إلى الاعتماد والبحث عن قيم غربية بعيدة عن واقعنا، ما موقفكم من ذلك؟
يوسف القرضاوي: هذا الكلام صحيح، هذه السينما كانت إحدى الأدوات في عملية التغريب، تغريب العقل المسلم والعقل العربي وتقبل الأفكار والقيم الأجنبية الغريبة عن الفرد المسلم وعن المجتمع المسلم وعن الأمة المسلمة وخصوصا تأثير السينما في الجمهور العادي، يعني جمهور الناس غير المثقفين وغير الكذا، تأثير السينما عليهم تأثير كبير لأنه تأثير بالصوت والصورة وباللحن وبالدراما، العمل الدرامي المشوق، فهذا تأثير هائل يعني من غير شك.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور ذكرتم أن إحدى مشكلات السينما هو ظهور المرأة السافرة والتي تتبرج، مثلا استطاعت السينما الإيرانية أن تصل خلال وقت قصير أن تصل إلى العالمية وأن تفرض نفسها في المحافل والمهرجانات السينمائية المتعددة على الرغم من الضوابط التي قيدت فيها نفسها فهي لا تسمح بظهور المرأة دون حجاب مثلا، لنتابع معا الآن فيلما إيرانيا يتحدث عن قصة حب ونال العديد من الجوائز الدولية.
[مشهد من الفيلم الإيراني]
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور يعني إذا كانت المرأة محجبة، ملتزمة بالحجاب، البعض ربما يحرم ظهورها على الشاشة بشكل مطلق، إذا كانت ملتزمة بالآداب الإسلامية في تمثيلها هل يمكن أن تشارك في عملية التمثيل السينمائي؟
يوسف القرضاوي: قطعا، لا يمكن عزل المرأة عن السينما ولا عن المسلسلات ولا عن هذا العمل الدرامي لأن المرأة نصف المجتمع، لا توجد قصة ليس فيها امرأة، حتى القصص التي ذكرها القرآن، قصة آدم فيها حواء {..اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ..}[البقرة:35]، قصة نوح، امرأة نوح، قصة إبراهيم في سارة وفي هاجر، قصة موسى فيها أم موسى وأخت موسى وامرأة فرعون وامرأة موسى وابنة الشيخ الكبير {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ..}[القصص:26] إلى آخره، قصة عيسى فيها جدة عيسى امرأة عمران وأم عيسى، وقصة محمد فيها يعني آمنة بنت وهب وفيها خديجة بنت خويلد وفيها فاطمة وبنات النبي ونساء النبي فيها، لا توجد قصة بدون امرأة فإذا أردت أن تحذف المرأة لا يمكن أن تكون قصة حقيقية، المشكلة هي المرأة المتبرجة ودي التي ورثناها في السينما العربية إذا استطعنا أن ننتصر عليها كما انتصر أخواننا في إيران نكون قد أفلحنا. وهنا أنا أقول إنه لا يمكن أن يقوم فن إسلامي أو يرضى عنه الإسلام تمثيلي أو غير ذلك إلا إذا تبنينا فقه التيسير وفقه التدرج، وهذا قلته في ندوة أقيمت في مصر عندما أُسست قناة اقرأ، أقيمت ندوة في مصر في فقه الإعلان قدمت فيها محاضرة وقلت إنه لا يمكن أن ننجح في الفقه الإعلامي ونستطيع أن نوجد فنا إسلاميا إلا إذا تبنينا فقه التيسير، إذا أخذنا الفقه اللي بيقول لك التمثيل حرام لأنه كذب، إذا التصوير حرام، يبقى لا يمكن، لا بد إذا كان حتى هناك رأيان أحدهما أحوط والآخر أيسر نتبنى الأيسر في فقه الإعلام، ثم لا بد أن نتدرك يمكن في أول الأمر ما نستطيعش أن نعمل إسلام كامل 100% لا مانع أننا نتخفف نترخص في أول الأمر على أن يكون هذا بداية، يكون عندنا خطة ذات مراحل، مرحلة تسلم إلى مرحلة حتى نستطيع أن يكون عندنا فن إسلامي كامل في أول الأمر يمكن التجاوز عن بعض الأشياء فهذا ما لا بد منه.
تحديات السينما وسبل الاستفادة منها
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور اسمح لنا أن نأخذ بعض المشاركات من المهتمين بالعمل السينمائي، نأخذ الناقد السينمائي المعروف مصطفى المسناوي من المغرب. مرحبا بكم سيدي.
مصطفى المسناوي/ ناقد سينمائي: أهلا وسهلا.
عثمان عثمان: أستاذي الكريم يعني ما التحديات التي تفرضها السينما اليوم على المسلم المعاصر؟
مصطفى المسناوي: أولا أود فقط التوضيح أن الأمر لم يعد يتعلق بقاعة سينما نذهب إليها بأرجلنا بل إن هذه السينما صارت في عقر بيوتنا عن طريق الفضائيات عن طريق أقراص DVD بمعنى أنه لم نعد نملك خيارا كثيرا أن هناك نوعا من الهجوم لسينما هي في الغالب ليست سينما عربية ولا إسلامية، هي في الغالب سينما أميركية سينما غربية تحمل كثيرا من القيم التي لا تتفق مع قيمنا قيم مجتمعاتنا مع قيم شعوبنا ومعظم هذه الأفلام الكثيرة جدا معظمها رديء، أولا إذا أردنا أن نقيمها من الناحية الجمالية من الناحية السينمائية عدد الأفلام الجيدة قليل جدا، الأفلام العربية حضورها وسطها أو حضور الأفلام الإسلامية حتى الأفلام الإيرانية نفسها ضعيف جدا لا تؤثر على المشاهد الإسلامي على المشاهد العربي، المشاهد العربي خاضع لتأثيرات من طرف يعني سلبية أعتبرها سلبية في كثير من الأحيان، أفلام العنف أفلام الجريمة أفلام الجنس إلى غير ذلك هذه الأفلام تؤثر تأثيرا سلبيا. ونحن لشديد الأسف يعني في الأفلام العربية في أفلامنا في سينمانا العربية لا نهتم بشيء أساسي وهو ما نوعية القيم التي نريد أن ندافع عنها؟ ما هي القيم التي نريد أن ننشرها؟ ولدينا في ديانتنا لدينا في ثقافتنا كثير من القيم الإيجابية، قيم المحبة قيم التآخي قيم الدفاع عن قيم العائلة إلى غير ذلك، فما أخشاه في الحقيقة هو هذا الموقف السلبي للمخرج العربي وللناقد العربي المثقف العربي تجاه هذه القيم الجارفة التي صارت اليوم تحاصرنا في داخل بيوتنا.
عثمان عثمان: شكرا السيد مصطفى المسناوي الناقد السينمائي من المغرب، نأخذ أيضا الفنان المصري المعروف حسن يوسف. مرحبا بك سيدي.
حسن يوسف/ فنان مصري: مرحبا بك يا سيدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تحياتي وتقديري واحترامي وحبي أجدده لأستاذنا وشيخنا وسيدنا فضيلة الداعية الكبير العلامة الشيخ يوسف القرضاوي وأنتهز هذه الفرصة.. ويعلم فضيلته أنني أحبه في الله.
يوسف القرضاوي: وأنا كذلك أحبك يا أخ حسن.
حسن يوسف: أنتهز هذه الفرصة لأجدد هذا الحب في الله، وأدعو الله أن يطيل في عمره فهو في رأيي فقيه العصر الآن ونحن نحتاج إليه وندعو الله أن يمد في عمره ويستفيد العالم الإسلامي كله من آرائه الوسطية التي تحل كثيرا من المشاكل في العالم الإسلامي.
عثمان عثمان: سيدي يعني أنت..
حسن يوسف: دعوتي لك أيضا لأنني معجب بطريقة تقديمك للبرنامج..
عثمان عثمان: بارك الله فيك، سيد حسن يعني الوقت ضاق جدا، اسمح لي، أنت عملت كثيرا في البيئة السينمائية يعني هل يمكن للمسلم المتدين أن يعمل في هذه البيئة أم أن هناك مشكلات فعلية تواجهه في هذا الإطار؟
حسن يوسف: والله ممكن، هناك شروط وضعها العلماء وعلى رأسهم فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه "الحلال والحرام" وفي الفتاوى أو في الآراء التي يبديها حينما نسأله عن القضايا الفنية. سيدي الفاضل هي السينما نوع من الإبداع، من بين أسماء الله الحسنى البديع، والإبداع مشتق من اسم البديع، سبحانه وتعالى حينما أبدع هذا الكون أعطانا نحن فرصة ليكون عند بعض الخلق اللي هم نسميهم الفنانين أن يبدعوا، أجمع العلماء أنه حينما يجلس المصور أمام البحر أو أمام الغابة أمام منظر الغروب في البحر ويرسم لوحة من الطبيعة أجمع جمهور العلماء أن هذا ليس حراما وأنني أستطيع أن أعلق هذه اللوحة في بيتي وفي بيتك حتى في بيت الشيخ يوسف القرضاوي، ولكن حينما يبدع أو يدعي الإبداع في أن يجسد صورة لامرأة عارية أو صورة أو تمثال لامرأة عارية هذا ليس إبداعا فلا يصح أن نستعمل الإبداع المشتق من اسم البديع فيما يغضب الله وفي معصية الله.
عثمان عثمان: نعم السيد حسن يوسف الفنان المصري المعروف شكرا جزيلا لك. نأخذ أيضا الناقد السينمائي أسامة صفار من القاهرة. مرحبا بك.
أسامة صفار/ ناقد سينمائي: مرحبا بأستاذنا، مرحبا بشيخنا.
عثمان عثمان: ربما الوقت ضاق سيدي يعني أسأل سؤال مباشرا جدا وباختصار شديد لو سمحت، لا يخفى تأثير السينما اليوم في المجتمعات، كيف يمكن توظيف هذا التأثير في بث القيم الراقية الدينية؟
أسامة صفار: أولا علينا قبول هذا الشيء الذي يسمى سينما باعتباره اختراعا ومن ثم نستطيع أن نعبئه بما نريد، حلاله حلال وحرامه حرام، علينا أولا أن نحدد ماذا نريد منه ونقبله باعتباره اختراعا وليس باعتباره سينما وجدت عارية في الغرب، نستطيع أن نستورده ثانية في شرقنا نستطيع أن نوظفه لنا ونستطيع أن نطلع أيضا على تجارب الآخرين، مصادفة كان معي كتاب لإيلا شحات وهي باحثة أميركية يهودية ومن قلب اليهودية تؤكد على أنه كيف استعمل الكيان الصهيوني من قبل 1948 كيف استعمل السينما موازية لمقولاته السياسية وهي تستنطق وهي حتى تصور الصراعات في داخله سواء صراع الإشكيناز والسفارديم أو الصراع العربي الصهيوني في داخله ولكنها كانت موازية له وكانت تخدم أهدافه طوال الوقت حتى الآن، حتى أن.. والسينما التي ولدت داخل كيان لا يتعدى مليون ونصف البني آدم وهو الآن ستة مليون علميا لا تستطيع أن تنشئ فيلما في مجتمع بهذا الحجم ومع ذلك أنشأت السينما وصار لها صوت عالمي، أظن أننا نحتاج إلى مشروع، أظن أننا نحتاج إلى وعي اجتماعي.
عثمان عثمان: نعم، نعم نحتاج إلى مشروع متكامل. السيد أسامة صفار الناقد السينمائي من القاهرة شكرا جزيلا لك. فضيلة الدكتور هل ترون أن يتفرغ بعض الإسلاميين لدراسة السينما وللعمل في السينما تمثيلا وإنتاجا وإخراجا أم ماذا؟
يوسف القرضاوي: نحن في حاجة إلى تفريغ فريق من الناس للفنون المختلفة والسينما جزء من هذه الفنون، نحن قلنا إن الإنسان في حاجة إلى الرياضة لتغذية الجسم وإلى الثقافة لتغذية العقل وإلى العبادة لتغذية الروح وإلى الفن لتغذية الوجدان، حتى تتكامل حياة الأمة المسلمة والمجتمع المسلم والفرد المسلم، والمسلم الصالح يستطيع أن يترك أثرا صالحا في كل عمل يقوم به، إذا وجدنا الإنسان الملتزم وهو صاحب الرسالة وصاحب الهدف سنرى أثره في السينما وسنرى في الغناء وسنرى أثره في كل جانب من جوانب الحياة. أنا يعني قلت.. اجتمعت بالأخوات، عدد من الأخوات المعتزلات من الفن والكثير منهم أراد اعتزال الحياة وأنا قلت لهم أنا أرى أنه بدل الاعتزال ممكن تباشروا حتى عملكم الفني ولكن بشروط وبالتزامات معينة، وعمل بهذا بعضهم مثل الأخت عفاف شعيب وعبير الشرقاوي وعدد من هؤلاء، فإذا يستطيع الفنان المسلم والفنانة المسلمة أن يقوم بما يجب عليها وبما يرضي ربه وهو في عمله الفني وكما قال نعم المال الصالح للمرء الصالح أقول نعم الفن الصالح للإنسان الصالح.
عثمان عثمان: بارك الله فيكم فضيلة شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفاضة الطيبة. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
_____________
نقلا عن موقع الجزيرة القطرية، وأذيعت الحلقة بتاريخ: 7/6/2009
http://qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=7026&version=1&template_id=105&parent_id=16