soadat مبدع كبير
عدد المساهمات : 814 نقاط : 1462 تاريخ التسجيل : 15/01/2010 العمر : 71
| موضوع: محمود السعدني الخميس مايو 13, 2010 1:30 pm | |
| ]عمنا الكبير.. محمود السعدني
بقلم: مجدي الدقاق
كان آخر لقاء لي مع قبلة علي جبين عمنا وأستاذنا الكبير محمود السعدني منذ ثلاث سنوات كاملة, في منزله بالجيزة مع ابنه زميل المهنة الصديق أكرم, وكنت قد تآمرت مع أكرم والزميل والصديق حمدي حمادة علي إصدار عدد خاص من مجلة الهلال عن عمنا محمود.
وهو اللقب الذي كان يحلو لنا وله أن نناديه به. وأصدرت العدد في يوليو عام2007, وشاهده عمنا محمود بفرحة طفل صغير, وهو يقلب صفحاته, ويري بنفسه تكريمه وهو بيننا, بعشرات المقالات والرسوم والصور النادرة والحكايات عن محمود السعدني. لم يستطع وقتها أستاذنا التعليق, ولكن ملأت وجهه ابتسامة كبيرة, وغمره الفرح عندما رأي كل زملاء العمر والمهنة من مختلف الأجيال قد شاركوا في إصدار هذا العدد الذي اعتبره وثيقة نادرة بما يحمله من شهادات وآراء وتحليل لسيرة حياة كاتب ومبدع, يعتبر من جيل الرواد, الذي أري أنهم يستحقون منا, نحن أبناء الصحافة المصرية, أن نرد لهم بعضا من ديوننا. عرفت عمنا محمود, منذ أوائل الثمانينات, أثناء زيارته للعاصمة اليمنية ـ صنعاء ـ وقتها كنت مراسلا لمجلة المصور في اليمن, ومن بعدها توثقت علاقتي به وخصوصا مع إنشاء نادي الصحفيين النهري وتحوله لمركز لقاء يومي يلتف فيه التلاميذ حول أستاذهم وضيوفه من وزراء وفنانين وشخصيات عامة ومواطنين عاديين كان عمنا محمود أحد رموز الصحافة المصرية, وأحد المساهمين الكبار في تأسيس تيار النهضة الصحفية التي خلقت تيارا صحفيا مصريا يتمسك بحريتها واستقلالها ويؤمن بحق الاختلاف واحترام المهنة ورسالتها والاعتزاز بالنفس وبالقلم, مع الوفاء والتقدير والاحترام لكل من عمل ويعمل في بلاط صاحبة الجلالة, حتي لو تباينت المواقف والمواقع, لذلك ظل الوفاء وتقدير الموهبة واعتبارات الزمالة, هي السمات الغالبة في شخصية كاتبنا الكبير, الذي تحول بإنسانيته وببساطته لمعلم وعمدة للصحافة والصحفيين, ودائما ما كان يقول لنا, أحبوا بلدكم ومهنتكم وزملاءكم, أخلصوا لأنفسكم وللآخرين, في النهاية ستكسبون العالم. أخلص السعدني لمهنته وقلمه, فكان مبدعا حقيقيا, تنوع إبداعه بين القصة والمسرحية والعمل الإذاعي والسيرة الذاتية الي جانب العمل الصحفي, أحب عواصم عديدة ولكن ظل علي حبه الكبير لوطنه مصر, ولمحافظته الجيزة, وظف علاقاته بكبار الناس لصالح البسطاء واعتبر نفسه وقد كان كذلك مندوبهم والمتحدث باسمهم. ووجد نفسه في معرفة الآخرين وخصوصا تلك النماذج العريقة وتلك النماذج الفريدة والغريبة, التي يمكن أن تمر علي الكثيرين دون أن ينتبهوا لثرائها الإنساني, وطوال حياته ورغم معاناة السجن والغربة, ظل محافظا علي ابتسامته, محبا للحياة والناس يشيع البهجة والفرحة والأمل في نفوسنا ونفوس المحيطين به, لم ينس السعدني يوما أنه ابن للحارة المصرية, ولا أنه الزبون الدائم علي مقاهي الحياة, لم يستطع أحد منافسته في الحديث والتقاط المشاهد اليومية في حياة وسلوك البشر, ولهذا كان دائما محاطا بكل أنواع البشر في حالة إجماع إنساني فريدة علي شخصه وقلمه ودوره الشعبي الممزوج بحب وثقة الجميع. وفي عدد الهلال وصفه الصديق أحمد الجمال بأنه الحسيب النسيب محمود عثمان السعدني.. المسكون بحب مصر, وقال عنه الأديب خيري شلبي خليل الشعب ووصفه الراحل يوسف الشريف بأنه صاحب جاذبية مغناطيسيه, آسرة, أما شقيقه الفنان صلاح السعدني فوصفه أنه ليس شخصا واحدا بل هو قبيلة كاملة, وقال عنه الصديق عاصم حنفي بأنه آخر طبعة من كتاب الفكاهة والمسخرة, وقال عنه الأستاذ مفيد فوز إنه فنان, ولخص د.سيد عشماوي شخصية السعدني بأنها الاستمرار التاريخي لأحد جوانب الشخصية المصرية الساخرة. ويقول صديق عمره الفنان أحمد طوغان إن محمود هو مصر بخفة دمها وذكائها وفروسيتها وشهامتها وكرمها, وقال الفنان جورج البهجوري عنه, باختصار لقد علمني الحياة والتعبير بكلمات أولاد البلد. وقال عنه الأديب رجائي عطيه, إنه ساخر عظيم وصاحب قلب كبير, وقال عنه د.عزازي علي عزازي بأنه أدباتي ومبدع كبير, ووصفه أسامة عرابي بأنه أمير الصعاليك, في حين وصفه د.نبيل حنفي محمود بأنه سرفانتس مصري, وقال د.مصطفي بيومي إن أحد دروس السعدني هي أنه منتم في إطار المعارضة ومعارض في سياق الانتماء, أما أكرم فقد روي شهادته وحواديت والده كما رآها, واختار الراحل الكبير رجاء النقاش أن يكتب عن الولد الشقي في قهوة عبدالله, وقدم أستاذنا محمد عودة رؤيته لشهادة السعدني علي العصر في رباعيته الولد الشقي. وقال الأديب إبراهيم عبدالمجيد, إن السعدني حالة أكبر من أي شيء فهو مصر بحقيقتها التي تتلخص في المعرفة والضحك. ووصفه د.صلاح فضل بأنه حلقة مضيئة في سلسلة ذهبية, في حين رأي الكاتب الراحل سيد زكي بأنه برنارد شو العرب, وجمع حامد الشناوي بين شخصية أموح البورسعيدي وعم محمود, ورسم حلمي التوني عم محمود ووصفه قائلا لا أحد يستطيع مشاركة السعدني في موهبته الأولي وهي الكلام وقال محمد بغدادي إنه نبع الضحك الصافي, ويرصد منير عامر أحد ملامح شخصيته قائلا عميق الفهم للضعف والقوة. ويروي ماجد عطية قصته مع السعدني أيام الاعتقال في سجن الوادي الجديد وحكاية الشاويش متي معهم, ويطلق أحمد سعيد رئيس إذاعة صوت العرب الأسبق, قنابله, الساخرة علي لسان السعدني, ويصفه الفنان إبراهيم عبدالملاك بأنه شيخ حارة الحب, ويلخص د.أحمد درويش سيرة حياته قائلا, إنه الظريف الذي يكتب عن الظرفاء, ويقول علي حامد إنه الساخر الأبدي ويروي الناقد الفني عبدالنور خليل حكايات السعدني بين الأورنسي والمنفي, ويكتب عنه حمدي حمادة واصفا إياه بأنه أمير الكتابة الساخرة, ويكشف الناقد الرياضي علي خضير علاقة السعدني بكرة القدم بإعتباره أحد الكرويين العظام ويختتم أحمد حمروش موضحا علاقته بالسعدني التي امتدت لأكثر من خمسين عاما. من هذه الآراء تستطيع أن تكتشف, سر هذا الحب وهذا الاجماع المتنوع من شخصيات ربما لا تتفق إلا علي شخص وإبداع محمود السعدني الذي رحل عن دنيانا وأنا خارج البلاد في مهمة صحفية, فحزنت علي رحيل, أحد رموز ورواد الصحافة والكتابة المصرية والعربية, وعرفت أنه رحل راضيا ومبتسما كعادته, فملأتني ابتسامته, وعدت الي كتاباته وأدركت أن هذا النوع من البشر لا يموت, ولا يمكن نسيانه, فما زرعه فينا يظل باقيا ما بقيت الحياة.
[/size][/b] | |
|