الإصرار في ليست كغيرها

• دراســـة في مجموعة ليست كغيرها لـ محمود الديداموني
• دراسة / رمضان أحمد عبدالله
- يتجول المبدع بين الحدائق المتنوعة ويزور البساتين ويقيم فيها فيكون شاعر أو قاصاً أو روائياً لذلك تأتي النصوص متميزة وربما تكون الأشجار مطعمة بأنواع مختلفة من الفاكهة فتعطي ثماراً متميزة الطعم . ينطبق هذا على القاص الروائي والشاعر محمود الديداموني الحاصل على جائزة الشعر من وزارة الشباب والرياضة وجائزة الشعر من جماعة الأدب العربي والذي نحن بصدد مجموعته القصصية " ليست كغيرها " الحاصلة على الجائزة الثانية للهيئة العامة لقصور الثقافة. هذه الشجرة التي اخترناها للولوج إلى حديقة إبداعه . نمسك بالفروع الآتية .
1- فرع الموضوع :
التحدي والإصرار هو الموضوع الغالب السيطرة على قصص المجموعة الحادية والعشرين هذا التحدي والإصرار غير مباشر لأن الكاتب اعتمد على الرمز وثقافة القارئ في التأويل . في (حصار) يشعر الراوي البطل أن ثمة شخص يحاصره حين يحدثه الراوي عن كل شيء يفعله يسخر ويضجر منه فيقرر الراوي أن ينتصر عليه . فيفعل كل شيء في سرية تامة حتى يحصل على رفيقته يجده اختفى وتحول إلى شبح يهجم على أحد البيوت . في (سرب عرضي) على الشاطئ يرى البطل الناس كأسراب . ونجد أماً تسأل عن ابنها . يقرر البطل أن يهاجر لأن الهجرة هي الحل وسيجد آخرين هناك . يفيق على صافرات الإنذار ورجال الإنقاذ . في (شتلات) زرع الأب شتلات في عقل الابن كما زرع الجد شتلات في عقل الأب . تهاجم الريح النافذة . يقفز الأب نحو الابن الذي يرفض مساعدة الأب ويندفع بمفرده وسط العاصفة .
في (ليتك) يدخل الرجل حجرته منهكا تتراءى له أطياف . تتسع ابتسامته حتى تصبح صوتاً . يسأل نفسه أين الصراخ . ترد نفسه إنه هو الذي طلب منها أن تكون حذرة . هنا تنتصر نفسه عليه وتتحد له . يقرر البطل في " ملاحقة " أن يلاحق شيئاً في السماء . يحاول الأب أن يثنيه عن فكرته لكنه يصر . في (حمى الطريق) . يدخل الرجل حجرته في فندق ليجد أن شريكه في الحجرة امرأة نظراً لتشابه الأسماء فاسم عصمت محايد يصلح لرجل ولامرأة . يتجادلان حول القضية الأزلية بين الرجل والمرأة ينتهي الصراع بالتآلف بينهما . تصر المرأة على الانفصال عن زوجها الذي هاجر وهجرها في (الصفصافة) تذكره بالحب وتحملها إرهاق زوجة أبيها من أجله . فأصرت على قطع صفصافة حياتها لأن السوس نخرها . يصر الولد القروي على تحدي أبيه وأخيه والحيوانات فالجميع يبتزونه لكنه هو يتمرد ويذهب إلى المولد لأنه يعشق القمر ويناجيه فهو الوحيد الذي يشعر به لكن القمر مخنوق فيغني له الولد يا سيدنا عمر فك خنقة القمر . تصر الجدة على المقاومة وتتحدى الولد الذي يريد شراء مصيدة أو سماً للفأر في (من ثقب الباب) حتى تموت ويدها مطبقة على عنق الفأر تتواصل المقاومة والإصرار لدى الكبار في (فوضى أصوات الحيوانات) تخرج الحاجة فهيمة على عكازها تضرب هذا الشيء الذي قلب أحوال القرية حتى عمها الغضب والسكون . يندفع الفتى عامر في (ابتسامة الصباح) بين شباب القرية يخطف زهرته فايزة التي يخترق صراخها قلبه بعد أن يخطف زهرته يرسم على الصباح ابتسامة أبيه. يتذكر الراوي كلمات جده حين احترق الجرن في (لماذا الآن) وجمع الجد الناس وأخبرهم أن لكل شيء ثمن . ينسى الراوي كلام جده وأخيه بأن الأرض سوف تُغتصب ويبكي في النهاية . في (الهروب إلى المعتقل) يتحدى الراوي شخصا أقسم أنه سيناضل لتحقيق أهدافه هذا الشخص يخدع الراوي ويتعرى تماماً فيشعل الراوي النار في نفسه ويلقى بنفسه في أحضان هذا المخادع . يتحدى الولد الموهوب أباه في (تحاول غزو وجهي) حين يصر على القراءة وكتابة القصص بينما أباه يريده أن يساعده في العمل. في (ارتطام) المانيكان المعروضة خلف الزجاج تتحدى الساذج الذي ظنها أجمل امرأة يصدمه الحاجز الزجاجي . في القصة القصيرة جداً رقم (5) يتحدى البطل فكرة الموت ويصر على البقاء . في القصة رقم (7) يتحدى المريض الذين يريدون التقسيم و يبتلع قرص الدواء رغم مرارته .
2- فرع التقنيــــة :تتنوع تقنيات القاص بين البناء والسرد والحوار.
2-1 البنـــــاء :يعتمد البناء لدى القاص على ثلاثة أنماط تجمع قصص المجموعة.
أ – النمط الأول كل قصة متصلة الأحداث والسرد والصياغة تلقائياً بلغة دقيقة في قصص (حصار – سرب عرضي – شتلات – ليتك – ملاحقة – الصفصافة – حمى الطريق) .
ب- النمط الثاني يأتي على شكل لقطات في قصة (ليست كغيرها) فهي على شكل خمسة لقطات تحمل خمسة أرقام . ثم قصة (تحاول غزو وجهي) تأتي على هيئة مشاهد أو فقرات تفصل بين كل لقطة وأخرى نجمتان .
جـ- النمط الثالث نجده في القصص القصيرة جداً التي تتكون من سبعة قصص منهم أربع قصص لها عناوين وثلاث أخريات بلا عناوين كما تأتي هذه الثلاث الأخيرة على شكل أقاصيص شديدة التكثيف والاختزال .
2-2 الســــرد :
يمثل أحد أوجه البطولة داخل قصص المجموعة فهو يعبر عن حرفة الكاتب . حيث نجد قدرة القاص اللغوية ومهارته في طرح الموضوع عندما ننظر إلى السرد نجده كما يلي .
أ- سرد مباشر يستخدمه في قصص (حصار – سرب عرضي – ليتك – ملاحقة – ابتسامة الصباح – الهروب إلى المعتقل – تحاول غزو وجهي – ارتطام) هنا يحكي القاص بنفسه .
ب- سرد بلغة الأنا في قصص (شتلات – حمى الطريق – الصفصافة- ليست كغيرها – من ثقب الباب – لماذا الآن).
2-3 الحــــوار :
لا يحظى الحوار بحضور كبير لدى القاص لأنه اعتمد على السرد المتتابع المتفاعل في الحكي والوصف على الرغم من قلة تواجد
الحوار نجد ما يلي :
- حوار بالعامية بشكل صرف في قصة (براءة) .
- حوار بالفصحى في قصص (سرب عرضي – ليتك – حمى الطريق ).
- حوار متداخل بين العامية والفصحى في قصص (من ثقب الباب – ارتطام) .
3- فرع اللغة والرمز :
3-1 اللغــة :تعبر اللغة عن ثقافة القاص وتمكنه من المفردات والصياغة والخيال بل يمكن القول بطولة اللغة هي البطولة الأولى. فنجد الجمل قصيرة جداً دقيقة الوصف .
كما أجاد في وصف وإعطاء مفردات تبين حالة التوزع النفسي في قصة (حصار) وأجاد في جذب تعاطف القارئ كما أبرز شخصية الفتى القروي المقهور ولا ننسى لغة القاص على لسان الفتى المقهور حين يخاطب القمر في اللقطة رقم ( 4 – 5) في قصة (ليست كغيرها) يقول في صـ 29 مخاطباً القمر :
• عندما أنظر إليك تأخذني بعيداً جداً . أستلهم منك الحلول . أنصت إليك . أقرأ فيهما كل شيء . صرت تعرف عني كل شيء وصرت أنا الآخر أقرأ في عينيك كل شيء .. نعم .. أقرأ فلست أمياً كما يزعم أبي .
3-2 الرمز والتأويل :
يشير الرمز إلى شيء غير محدد هذا الغير محدد ربما تختلف حوله الآراء والتأويلات قابلة للتنوع . ربما يعد هذا تميزاً من الكاتب . ندخل إلى عالم الرمز عنده .
- قصة (شتلات) الشتلات ربما هي الأفكار والآراء التي زرعها الأب في عقل الابن . والرياح والعواصف هي تغيرات الحياة .
- قصة (الصفصافة) الصفصافة هي شجرة الحياة التي كانت الزوجة تستظل بها . ربما هي الزوج .
- قصة (ليست كغيرها) عبارة (يا سيدنا عمر فك خنقة القمر) إشارة صريحة للتراث وغناء القرويين حين يخنق القمر كما يعتقدون أو حين يخسف كما يقول العلم .
- قصة (من ثقب الباب) ترمز إلى المقاومة حتى الموت أو حتى آخر لحظة في العمر حين تموت الجدة ويدها مطبقة على رقبة الفأر .
- قصة (فوضى أصوات الحيوانات) الإصرار على المقاومة .
- في (ابتسامة الصباح) توارث الأبناء للآباء .
- (تحاول غزو وجهي) الجهل ورمزه الأب ضد العلم والأدب الإبن . الفقر والرزق القليل ضد القراءة والكتب .
4- الكتابة الجديدة :
ينضم الكاتب إلى فئة الكتاب الذين يكتبون ما يسمى بالكتابات الجديدة بطريقة غير تقليدية أو بشكل ما بعد حداثي فهي تعتمد على تقنيات النص المكتوب أو المفتوح كما يقول رولان بارت هو نص يستطيع القارئ أن ينتجه ويكتبه مع نفسه ويقتضي بذلك تأويلاً متغيراً عند كل قراءة . إن دور القارئ في هذه الكتابات الجديدة الغير تقليدية حتى لو قدمت نصوصاً واقعية تقدمها بشكل غير تقليدي دور القارئ فيها إيجابي نشط فهو يشارك في إنتاج النص ربما يتجاوز المؤلف ويكتسب النص تعددية بتعدد القراء . ينطبق النقد الجديد أو الشكلاني على هذه الكتابات الجديدة فهو نقد يتسم بالتطبيق ويركز على الوحدة المتجانسة والمخيلة ويرفض الفصل بين الشكل والمحتوى . كما نجد اللغة في الكتابات الجديدة والنقد الجديد تتفوق على اللغة العلمية والحياتية والمؤسساتية فلغة الأدب تتسم بالاستعارة والمجاز والغموض والتجسيد والحيوية تراهن هذه الكتابات على القارئ فهي تثق في ثقافته وقدرته على التأويل وتفسير الغموض والخيال والرمز وربما يكون بذلك ظلماً للنصوص إذا عرفنا الاستقبال واستجابة القارئ تتنوع من قارئ لآخر وبذلك يصبح النص ملكاً للقارئ يؤوله كما يشاء باعتبار المؤلف ميت أو خلف ستار الأحداث يراهن هنــــــا
القاص على القارئ في النقاط الآتية :
1- في قصة (حصار) لم يحدد هذا الشيء الشبح الذي يسخر من البطل .
2- في قصة (شتلات) لم يوضح ما هي الشتلات ولم يعط أي مفتاح للتأويل .
3- في قصة (ملاحقة) لم يذكر ذاك الشيء في السماء الذي يلاحقه القارئ والذي سقط قطعاً حمراء ذاب في الأرض .
4- قصة (فوضى أصوات الحيوانات) أشار إلى شيء قلب حال القرية ولم يذكر ما هذا الشيء .
5- في قصة (عندما أصدر احدهم صوتاً) عندما بكى البطل بكى باقي الأشخاص من حوله وعندما توقف عن البكاء توقفوا فرمي نفسه من القطار منتحراً ليدع القارئ يسأل ويتخيل هل انتحروا خلفه .
6- في قصة (ثقب) في أول جملة صـ 64 يقول : " لم يكن يؤمن إلا بها" ثم في السطر الثاني والثالث يقول "جلست فوق الكنبة" تاركا للقارئ يسأل عن (بها) هل هي فكرة أم إنسانه .
لقد أصر القاص على ترك هذه الأشياء للقارئ ربما تكــــون
أجهدت القارئ وربما أعجبته وربما شجعته على ألا يكمل القراءة لأن هذه النوعية تتطلب قارئاً واعياً ومثقفاً ومثابرة فالكاتب اختار بإرادته طريقاً غير مألوف للكثيرين .
5- فرع مأخذ على المجموعة :
(1) قصص تحتاج إلى تكثيف مثل :
- قصة (من ثقب الباب – فو ضى أصوات الحيوانات – ابتسامة الصباح) كما أرى لا داعي لتقسيم قصة (ليست كغيرها) .
(2) بعض الزيادات والأخطاء كما يلي :
- صـ 37 السطر الثالث زائد .
- صـ 36 السطر السادس يقول : أن لا تكون والصواب ألا تكون
- صـ 36 السطر قبل الأخير يقول : فوضى أصوات الحيوانات ضرب الصمت الجاثم على قلب القرية والأدق ضربت لأن الفوضى تخضع لتأنيث الفعل .
رغم هذه المآخذ إلا أننا أمام قاص يمتلك أدواته ومسيطراً على لغته وقدم جرعة فنية عالية المستوى وراهن على ثقافة وقدرة القارئ .
تمت بحمد الله
القاهرة 22/9/2009
رمضان أحمد عبدالله
26511746 – 0106249810

حبيبي أنت وعدتني بعمل دراسة صغيرة لديوان تعب القلوب
وأنا الأن افكرك ..وما تنساش ان أحنا جيران .
.يعني ممكن ما اعدكش من شارعنا .
.ماشي ..اة ..خد بالك !!

» الأشياء ليست في أماكنها
» الأشياء ليست فى أماكنها
» ليست كل الدوائر فاسدة
» انها ليست رحمة بل رحمات
» المرأة الفلسطينية ليست كأي إمرأة في العالم