كن منصفاا ًسيدى القارىء

كن منصفا ً سيدى القارىء " قصة قصيرة "

إهداء إلى الشاعر الذى علمنى أن الشعر له أنياب

هو الان يريد ان يكتب ، أفكار كثيرة تعصف بذهنه، تتدافع ، تتصارع ، وتتجاور لعل واحدة منهم تحسم صراعه، منطلقة كى ترتسم على اوراقه حكاية تريحه وتمتع الاخرين.

أمسك بالورقة والقلم، ماذا يكتب ؟ رواية، شعر، قصة ، أم نثر ، ليست هذه المشكلة ، إنما هى أن يكتب.
كتب عن حبيبته:
" أراك رحلت ولم تغضبين ،كأن صوت العقل فيك لم يغضبه هذيانى".
سطر ، سطرين، ثلاثة ،هراء ... هراء . توقف وأطبق على الورقة بكلتا يديه ثم ألقاها بغيظ شديد على الأرض ولكنه عاد والتقطهامرة أخرى.
انتقل الى فكرة جديدة، حاله كما هو ، الشعور بالألم يزداد فى كل جوارحه ، وكأنها حالة تمرد جسدى.
ماذا أكتب وعمن؟ عنى ؟ عنها؟ عنهم؟ عن وطنى؟ ثم روادته فكرة ، ولما لا؟
نعم سأضعك مكانى أيها القاضى ، أيها القارىء ، هيا أخبرنى:
هل أكتب لك عن " بنت الجيران " تلك الفتاة الجميلة التى كنت ألعب معها وانا صغير ، ثم رحلت وعادت لتجدني كما تركتني " صعلوك " .لماذا؟
ذلك السؤال الذي ما وجد إلا لتكون إجابته : لأن ، فقط لأن .......
ذات يوم إلتقيت والدتها صدفه ، سيدة فاضلة من عائلة ثرية ،
لطالما إتخذتني ابنا لها ، تبادلنا التحية والسؤال عن الأحوال ، ثم
انصرفت تاركة لي دعوة شفهية لحضور زفاف ابنتها ـ رفيقة طفولتي .
ياه دانت قديم أوي ! أه .. لأ مؤاخذه ، تلك طبيعة الأشياء .. ما أنت عارف ..
مؤكد أن هذا سيكون ردك عزيزي القارئ .
أم أكتب لك عن شيخ كبير أرسلته إلى الحياة يوما ما ، ثم أخذته مني بغتة ، رجل علمني أشياء ومعان كثيرة ، علمني أن العالم كله يحتويه عطر وكتاب.
عفوا ً أيها القارئ ، بعد إذنك هذه الفكرة لا أقبل أبدا ً أن تقابل ولو بشئ من السخرية أو تعليق غير لائق .
وماذا لو كتبت عن مثلي الأعلى الذي لم يعد كذلك ، صديق قديم صدمني برأي هادم في شخصي وفيما أكتب ، وكي أكون صريحا ً ، حينما رأيت فعله يناقض قوله مرات ومرات ، فاصبحت لا أريد الإلتقاء به لأنه لم يعد منبعا ً يلهمني بكل ما يرفع روحي في السماء .
ما أقسى أن يصدم تلميذ في أستاذه ومعلمه !
إسمح لي أن أكتب ردك نيابة عنك
علمته الشعر فلمـــا قال قافية هجانــــي
وعلمته الرماية فلما اشتد ساعده رماني
وما رأيك لو كتبت عن وطني ؟ لا أدري لماذا أحس بأني أشبه ويشبهني ، وربما يشبهك أنت أيضا ً ، شعب في وطن ، نفس في جسد ، وطن مقهور ، ممزق ، أسير رغم حريته ، تاريخه متفرد يعيد نفسه ولكن دوما ً للوراء .
شعارنا :- إنتبه من فضلك .. الوطن يرجع إلى الخلف!
القارئ :- ياريت تخلي الوطن في حاله ، هو مش ناقصك
أم أنه من الأفضل أن أكتب عن نفسي ، وما أنا إلا قلم رصاص تطارده ( ممحاه ) ، لكن حذاري ، فأنا في لحظة لا جدوى من أن أشغل تفكيري بوصفها ، أعاني حالة " كفر " تدريجي بكل ما أمنت به وكان جزء من تكويني ، وعفوا ً لن أعلن توبتي .
كلمات من هنا وهناك ، لا محل لها من الإنصاف ، عدة أوراق تجمعت ، منفصلة كأنها أشلاء ، ولكن لجسد واحد ، مزقها ، لأنها لم تريحه ولن تمتع الآخرين .