بكائية الذات وسطوة المكان
· دراســـة في مجموعة (أخبار الوقائع القديمة) لمحمد جبريل· ********************************************************** - قلما نجح الكاتب في أن يأخذ القارئ معه عبر رحلة سردية ويقع القارئ تحت سيطرة القراءة دون تصريح من الكاتب ودون أن يلغز لتتحقق بذلك أطروحة السهل الممتنع في حالة من المراوغة السردية وازدحام متعمد لتفاصيل لا فكاك منه ولا زيادة فيه عبر أحكام بناء جمل تتدفق فالكاتب لا يعدو ولا يطارد الجمل ليمسك بها أو يجذبها عنوة بل هي تأتيه طواعية . كما أن الماضي يلق بظلاله عبر بكائية ذات لكل بطل من الأبطال مع تدفق وكثافة للحضور المكاني بكل تفاصيله. هذا ما نجده في مجموعة (أخبار الوقائع القديمة) للقاص الكاتب محمد جبريل الصادرة عن سلسلة أصوات أدبية عام 2009 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة . ندخل إلى المجموعة كما يلي :
[1] جدليات الطرح : تتداخل وتتعدد الأطروحات داخل المجموعة رغم هذا التنوع توجد جدليات تتعانق وتتشابك في علاقاتها سويا لتعطي الصورة أو المضمون المطروح في القصص . نعم كل قصة ربما تمثل طرحاً أو جدلاً مستقلاً لكن من خلال التقريب بين الفكر والمضمون ومن خلال ما يعبر عنه كل شخص أو بطل نجد الهموم والجدل تتقارب لتشكل جدلية فكرية تسيطر على الأطروحات داخل المجموعة . نجد استغلال رأس المال في (انكسارات الرؤى المستحيلة) الذي يدفعه البطل الراوي لشخص أحمد أنيس ليقوم بكل شئ بدلاً منه ليصبح البطل الراوي خارج حدود الفعل فأحمد أنيس يفعل كل شئ تماماً . لقد قرر البطل أن يقهر نفسه اختيارياً ويضعها خارج الفعل ليعيش في ساحة اللافعل . أما القهر والسطو الممارس بواسطة آخرين نجده في (كيف أتذوق حلاوة ما لم أعرفه) عندما نجد أشخاصاً يتعقبون البطل هكذا يتخيل وهو فاقد لحاسة السمع فيعيش عبر الألوان والأضواء ويخشى أن يأتيه آخرون لأن لديه أوراقاً تدينهم لأنهم جاءوا قبل ذلك وضربوه على رأسه لكنه يخفي الأوراق في كتاب داخل مكتبته الخاصة . القهر عبر المسئولين أو المفترض أنهم رجال الأمن الأمناء على الإنسان في الوطن في (مساحة ظل) يضرب رجال الشرطة سائقاً لأنه ارتكب مخالفة مرورية . في (صدى للبوح) زوج يقهر زوجته ويفرض عليها حصاراً منزلياً لا تغادره أبداً لأن أباها رفض أن يبيع للزوج قيراطين بجوار أرضه . نصل بعد ذلك إلى القهر الداخلي ( الحصار) نجد البطل ينعزل عن الأصدقاء الذين تم اقتيادهم إلى السجن بتهمة فكرية . بعد خروجهم يقاطعهم نهائياً حتى عندما يذهبون إلى منزله لزيارته يتردد أن يفتح الباب لهم إنه القهر النفسي الداخلي للبطل هو الحاجز بينه وبين الأصدقاء . في جدلية القهر الوظيفي الذي يمارسه المسئولون مع الموظف في (ضالة المريد) يتقدم الموظف بشكوى لا يرد ولا يهتم به المسئولون فيذهب إلى السيد البدوي يبث إليه شكواه . في (بكائية الزمن القديم) يمارس بلطجي القهر والتعدي على رجل كان فتياً وكان فتوة لا يقدر عليه أحد ترك الفتونة عندما ذهب ليتزوج كما طلب منه صهره يطعنه البلطجي ويحرق له محتويات محل البقالة تذهب زوجته لأقاربها لإحضار نقود لإعادة أعمار محل البقالة . من وجع القهر الذي تتعدد أطرافه وممارسيه إلى وجع الماضي والذكريات في (أخبار الوقائع القديمة) يقص الراوي الأب الذي بدوره يروي للأبناء والزوجة عن الماضي وعمله في البوغاز والثورة والتحرر . كما نرى صبر الزوجة على زوجها المريض والمثابرة معه كما تحملت وصبرت الزوجة في (صدى للبوح) على اعتقال زوجها لها في منزل الزوجية . الحياة ليست كلها قهر وذكريات لا تخلو من أمل أو طموح لأنه بلا طموح أو أمل ربما ينتحر الإنسان . نجد هذه الجدلية في (السجادة) عندما يطمح البطل إلى أن تطير به السجادة حتى يتحقق له ما أراد . ينطلق ليرى الأصدقاء لأنه تواق إليهم لكنه يعود عندما يدرك أنهم معه ولم يفارقوه فهم في عقله ووجدانه . في " صدى للبوح " تندلع شعاعات الأمل لدى الزوجة الصابرة على اعتقال زوجها لها عندما تنظر إلى شجرة أمام النافذة وتنشأ علاقة حب بينهما حتى تكبر فروع الشجرة وتصبح قوية تخترق السياج الحديدي للنافذة حتى تتحطم تماماً وتدخل الشمس ويسطع النور. أخر الجدليات مطروحة داخل المجموعة التذمر وحالة التخبط في (الحكواتي) الذي يجلس على المقهى يحكي عن عنترة تتداخل النوازع النفسية والفكرية للمتلقين فكل يطلب شيئاً مختلفاً عن الآخر من يطلب أن يحكي له الحكواتي عن شعر عنترة وآخرون يطلبون عن فروسية عنترة وفريق ثالث يريد عن حب عنترة هكذا تتنوع وتتنازع الأهواء تتناحر دون إقرار كل فريق بحق الآخر فيما يريد في إشارة رمزية ربما إلى الحكام أو المحكومين أو الأهواء البشرية عموماً . كما رأينا تزخر المجموعة جدليات متنوعة تتقارب وتتباعد وتتشابك لكنها لا تتنافر .
[2] التقنيـــــة :
2-1 الحبكة والبناء : يعتمد القاص على حبكة متعددة الجوانب منها بطولة السرد وحضور المكان والماضي بظلاله كما أن اللغة لها بعداً هاماً والجانب الإنساني عالي الحضور ولا يختفي التراث . ثم يأتي التشوق من خلال التشخيص والتصوير للأبعاد النفسية في كافة المواقف . قام القاص بحشد تفاصيل ضرورية لا غنى عنها ولا زيادة فيها ولم يقدم موضوعات القصة مباشرة لكنك عبر السرد تسير معه حتى النهاية دون ملل كما أن القارئ يتشوق لإكمال القصة للبحث عن عنصر المعرفة والتطلع لما انتهت إليه القصة . كما أن الموضوعات المختارة تعبر عن شفافية إنسانية ومهارة المعالجة فليست مباشرة صارخة ولا هي ملغزة مغلقة أو منغلقة على ذاتها هذا عن الحبكة التي ارتضاها القاص في قصص المجموعة . أما عن البناء فنجد كل قصة تأتي متتابعة دون أية فواصل من أي نوع لذلك الفضاءات النصية الظاهرية من علامات او سيمولوجيا مختفية تماماً من قصص المجموعة عدا قصة (أخبار الوقائع القديمة) التي تأتي مكونة من أحد عشر جزءاً كل جزء له رقم . كما أننا نجد قصة (الهدف) هي لقطة او ومضة بها موقف للتعبير عن وجهة نظرة خبراتيه ورمز لمن أراد أن يتهيأ لموقف مشابه.
2-2 السرد واللغة : السرد لدى الكاتب مزدحم بالتفاصيل ولا يدع القارئ يمسك بكل الخيوط دفعة واحدة فهو يعطيه خيطاً ثم خيطاً وهكذا حتى النهاية تتجمع الخيوط لدى القارئ وأيضاً يمكن تسمية السرد بالسرد السهل الممتنع حيث نجد ازدحاماً بالتفاصيل متعمد لا فكاك منه ورغم ذلك لا زيادة فيه عبر الجمل المحكمة البناء . وبذلك يراوغ الكاتب مع القارئ فلا مباشرةً ولا ألغازاً . تتكرر التفاصيل السردية في كثير من القصص (انكسارات لرؤى المستحيلة) كيف أذوق حلاوة ما لا اعرفه – أخبار الوقائع القديمة – مساحة ظل – صدى للبوح – بكائية الزمن القديم – السجادة ) ومع ذلك لم يسقط السرد في مزلق الزيادات . استخدم القاص نموذجين سردين .
أ- سرد بلغة الأنا يتولى كل بطل راوي السرد بنفسه في قصص (انكسارات الرؤى المستحيلة – كيف أذوق حلاوة ما لا اعرفه – أخبار الوقائع القديمة – الحصار صدى للبوح – بكائية الزمن القديم – السجادة) .
ب- سرد بلغة الهو أو السارد العليم الذي يتولى فيه السارد العليم ، السرد عن آخرين في قصص ( مساحة ظل – الهدف – ضالة المريد – الحكواتي). اللغة متدفقة طبقة سهلة لا تعقيد فيها . تأتي الجمل طويلة ممتدة مترابطة بحروف العطف الكثيرة خاصة حرف الواو نظراً لكثرة الأماكن التي يوردها الكاتب فيضفها أو يعطفها بحرف الواو . أجادت اللغة في توصيل أو تصوير العجز والاستعلاء (إنكسارات الرؤى المستحيلة) كما أوصلت للقارئ اهتمام الأب بالذكريات (أخبار الوقائع القديمة ) ولغة الحصار النفسي والارتباك (الحصار) والعزلة والوجع والانتقام والأمل (صدى للبوح) . والتمني والتطلع والرغبة والخيال والخروقات (السجادة) .
يقول في صـ 110
" ما أريده رحلة تختلف عن رحلات السندباد السبع إلى جزيرة الملك المرجان ، وجزيرة الرخ ، وجبل الماس ، وجزيرة العسرات ، وجزيرة العمود القماري ، ومدينة الصين ، وإقليم الملوك ، ووادي الحيات ، وجبل القرود ، وجزيرة السلاهطة ، والمغارة ، وبيضة الرخ ، وشيخ البحر ، وأخوان الشياطين ، وما يصعب حصره من الفاكهة والزهور والأشجار والينابيع والطيور المغردة والحلى والقلائد والجواهر والمعادن .
2-3 التصوير والتشخيص : توجد نماذج بشرية داخل قصص المجموعة نجح الكاتب في إبراز ملامح لكل شخص من الشخوص كما أنه أبرز الخلفية النفسية من خلال لغة وسرد وتصوير للمعالم الداخلية والخارجية للشخصية . فنجد صور الأبعاد النفسية والانكسار لرجل أعمال استبدل نفسه بشخص يفعل بدلاً منه كل شئ (انكسارات الرؤى المستحيلة) كما نجد إصرار البطل الذي فقد سمعه وضربوه فوق رأسه . ويلاحقونه دائماً وهو مصر على الحياة والتفوق على الملاحقين حتى تخرج الأوراق للناس ويعلموا ما فيها (كيف أذوق حلاوة ما لم اعرفه) . فنجح الكاتب أن يجعل القارئ يتعاطف مع هذا الشخص الذي يعيش عبر الألوان الأضواء والمرور بين الكتب التي أخفى بينها الأوراق الهامة . نجد نجاح القاص في تصوير المعارك والأحداث والرجل المريض (أخبار الوقائع القديمة) .
كما صور الحصار النفسي والقلق الداخلي والحاجز الذي صنعه البطل الراوي في (الحصار) بينه وبين الأصدقاء وقطع وانقطع عنهم حتى عندما زاروه يتردد في أن يفتح الباب لهم . في مشهد ضرب الشاب المخالف للمرور في (مساحة ظل) وسط صمت الناس ثم نجد الشخص الضارب ينظر إلى المضروب في شفقة وفي ذلك دليل أنه مرغم على أن يضربه . نرى نموذج الزوج الذي لديه عقدة نقص وماضي مؤلم في (صدى للبوح) يسجن زوجته في بيته ويمنعها من أن تزور الأهل أو يزورنها إلا وهو في المنزل ويغلق كل الأبواب ومعه المفاتيح لأن الأب رفض أن يبيع له قيراطين أرض مجاورين لأفدنته العديدة ليدخل إلى بوابة نفسية لهذا الرجل الزوج صاحب مركب النقص الذي ينتقم من الأب من خلال الابنة الزوجة . يصور لجوء الشاكي الذي لم ينصفه المسئولون فلجأ إلى السيد البدوي يبث إليه الشكوى وحالة هذا اللاجئ إلى سيده الذي يعطيه سيفاً بجواره وهو في حضرته في (ضالة المريد) وبذلك هداه سيده إلى ضالته وهو السيف . هذه أغلب ملامح التصوير والتشخيص في المجموعة .
[3] بكائية الذات :
النماذج البشرية التي تتحدث بلغة الأنا تبكي ذاتها . تتباكي على ما كان وتقوم كل شخصية بالحكي عما آل إليه حالها جراء التغيرات التي حدثت لكل شخص من هذه النماذج . هذه البكائيات الذاتية ربما تصل إلى حد الندم نظراً لما اقترفه الفرد بنفسه في حق نفسه كما نرى في (انكسارات الرؤى المستحيلة) رجل الأعمال الذي استبدل نفسه بموظف يدعى أحمد أنيس . يروي البطل رجل الأعمال إنه لم يعد يفعل شيء فأحمد أنميس يقوم بكل شيء كان يفعله رجل الأعمال بدءاً من متابعة الأعمال وانتهاءاً بالحديث إليهم برامج التليفزيون وقراءة وتلخيص الجرائد له وتهنئة الأصدقاء في مناسباتهم . لقد فقد رجل الأعمال هويته كما يقول (اكتفي بالمتابعة الصامته ، الساكنة . لا أفكر ، ولا أتكلم ، ولا أقدم على أي فعل . حتى التصور لم يعد يطرأ ببالي ، أحمد أنيس وحده هو الذي يفعل كل شيء) . في قصة (أخبار الوقائع القديمة). يرى الرجل الذي لم يبلغ سن المعاش لأولاده عن الماضي والحروب والمعارك في ذاكرته كما يروي عن القلعة واستنجاد النديم للنصر والثورة والتحرير والأسطول الانجليزي ولا تمل لديه ذاكرة الحكايات حتى المرض لم يقضي على هذه الذاكرة فيطلب من ابنه أن يذهب إلى محل أفلام فيديو ليحضر له أفلاما حربية . إن هذا المريض مغرم بماضيه الشخصي والوطني فيتداخل لديه العام والخاص في بكائية ذات خاصة وعامة . إن حياته في التذكر وإذا انتهى هذا التذكر تنتهي الحياة .
في (الحصار) ينعي الراوي ذاته ويبكي ذاته لأنه انعزل عن الأصدقاء الذين تم اعتقالهم وأغلق على نفسه حصاراً خاصاً وخوف نفسياً حتى بعدما خرجوا من السجن واصل انعزاله حتى عندما يزورونه في منزله يتردد كثيراً في فتح الباب لهم . في ( صدى للبوح) تجعلنا البطلة الراوية أن نبكيها ونبكي معها الاعتقال المنزلي الذي يفرضه عليها زوجها ليشفي غليله من أبيها وينمي لديه رؤية الانتقام . إن طمع الزوج في ضم القيراطين إلى أرضه أوصله إلى ممر الانتقام والغلق على الزوجة . يساهم الأهل أيضا في هذا البكاء الذي نبكيه للزوجة المقهورة عندما يطلبون منها الصبر والطاعة للزوج وليس عيباً أن تصبح الزوجة خادمة في بيت زوجها. في (بكائية الزمن القديم) نرى رجلاً كان فتوة لكنه لم يكن بلطجياً أو ظالماً كان يستغل فتوته في حماية الناس وصيرورة الحق والخير يكبر سنه . يطعنه أحد الشباب بمطواة . الأب الذي كان فتوة ترك الفتونة طبقاً لما طلب منه صهره شرط موافقته الزواج من ابنته لكن الرجل الآن مطعون بمطواة وتم تدمير دكان البقالة مصدر رزقه وتذهب الزوجة إلى أهلها في دمنهور لإحضار مال لإعادة أعمار محل البقالة .
استطاع الكاتب أن يجعل القارئ يتعاطف مع الفتوة التائب المعتدى عليه وهنا بكائية ماضي وذات إنسانية . لم يجد الرجل في (ضالة المريد) أحداً يشكو إليه حاله سوى أن يلجأ إلى السيد البدوي يبكي إليه حاله ويبث الشكوى ويسح دموعه بين يديه وفي حضرته بعدما وجه شكواه إلى المسئولين وتجاهلوها تماماً . يبكي الرجل اللاجئ ذاته والقهر لدى سيده منقذ المظلومين مما يعكس ذاكرة المأثور الشعبي العامر باللجوء والشكوى إلى الأولياء الصالحين أصحاب الخروفات ، لكن السيد البدوي مكافح لا يحب التواكل يسقط بين يدى اللاجئ سيفاً وكأنه أرشده إلى الحل والتوكل بدلاً من التواكل ، والاكتفاء ببث الشكوى .
[4] سطوة المكان :
يحظى المكان بسطوة حضور كبيرة نظراً لاعتماد الكاتب على حرفة السرد التفصيلي الذي لا يصيب القارئ بالملل نجد المفردات التي تدل على الأماكن تتكرر كثيراً فمن حيث التكرار العددي يستخدم الكاتب حوالي 522 مفردة للمكان في عشر قصص موزعة كما يلي طبقاً للترتيب العددي .
1- قصة صدى للبوح 98 مفردة مكانية . 2- قصة الحصار 84 مفردة
3- قصة السجادة 78 مفردة . 4- بكائية للزمن القديم 72 مفردة .
5- قصة ضالة المريد 48 مفردة 6- أخبار الوقائع القديمة 43 مفردة .
7- الحكواتي 32 مفردة 8- انكسارات الرؤي المستحيلة 27 مفردة
9- كيف أذوق حلاوة ما لا أعرفه 27 مفردة 10- مساحة ظل 12 مفردة
بينما تخلو قصة (الهدف) من وجود مفردات مكانية .
هذا عن التنوع العددي – أما عن التنوع النوعي فنجد أغلب المفردات تشير إلى (شارع – شوارع – حواري – جوانب – مدن – مدينة – ميادين – ميدان – مقهى – مقاهي – واسماء مقاهي واسماء شوارع وأسماء مساجد وأضرحة – والبوغاز – والميناء – وصحراء – والسماء – وحجرة والحجرات ومنزل ومنازل – وسلالم – وسلم – الباب – الأبواب – الشقة – السكة الزراعية – الغيط – السوق – الأسطح – المآذن – الكنائس وخلافه) .
[5] ظل الماضي : يبدأ الماضي يلقي ظله منذ بداية المجموعة من خلال الإهداء إلى الصداقات المفتقدة لدى الكاتب عبر الأصدقاء (احمد عبدالوهاب – محسن الخياط – سيد جاد – عطية السيد). لذا نجد الماضي الشخصي يلقي ظله في ( بكائية الزمن القديم) عندما تبدلت حالة الرجل الفتوة في الماضي والمطعون بمطواة الآن . في (أخبار الوقائع القديمة) الماضي العام والخاص يلقى ظله . الماضي الوطن . الماضي على مستوى الأحداث ، الحروب ، والمعارك ، الثورة ، عبدالله النديم . صار هذا الماضي وصارت هذه الأحداث ذكريات . في (الحكواتي) يروي الرجل سيرة عنترة وهي ماضي يفرض ويفرد ظله على المستمعين بأبعاد متنوعة منهم ما يريد حب عنترة لبعله ومنهم من يريد شعره وثالث يريد فروسيته . إنه الماضي المتشعب في نفوس وذاكرة المستمعين . في (ضالة المريد) يمثل الماضي هو الملجأ والمنقذ للمغلوب على أمره يلجأ لصاحب الضريح وهو ماضي فلم يعد السيد البدوي صاحب الكرامات حياً فكيف تنفذ كراماته وكيف تنقذ اللاجئ وكيف تصنع له حلاً ؟؟ ! . هنا ظل الماضي هو الحل حتى لو كان على المستوى النفسي ثم يأتي الحل من هذا الماضي على المستوى الخيالي الفتنازي الغير قابل للتحقق على أرضية الواقع . لقد ذهب المريد إلى ضالته هذه الضالة هي الماضي المتمثل في السيد البدوي الذي يرقد في ضريح . في (السجادة) يتوق الراوي إلى الأصدقاء فيتمنى أن تطير به السجادة ليرى الأصدقاء ويتحقق له ما أراد . عندما قرأ الأوراد وسير السابقين طارت به السجادة وحلقت في أجواء وأماكن لكنه يرتد لأنه أدرك أن الأصدقاء موجودون في داخله بأفكارهم وتصرفاتهم . إن الماضي الذي يطير إليه متواجد فيه . كما رأينا كل شخص من المذكورين يحن إلى الماضي وكما رأينا انتصر الماضي لدى هؤلاء الشخوص .
هكذا قدم القاص للقارئ مجموعة تطوافات عاملة شاملة . نجح عبر لغته الخاصة وسرده التفصيلي وتحليل شخوصه في إبراز قامته الفتية في جدليات طرح متنوعة .
تمت بحمد الله
رمضان أحمد عبدالله القاهرة : 5/2/2011