دراسة نقدية في رواية السرابيل لمحمد الناصر

ظلال وخيام في السرابيل

دراسة في رواية السرابيل لمحمد الناصر

· تتنوع الظلال الإبداعية ويمتد مداها حتى يكبر الظل ويصير خيمة تأوي القراء وتبسط حنانها عليهم حتى يظلوا تحتها جالسين يفسرون ويؤلون . كيف نجد هذه الظلال وما مدى أتساعها التأويلي ؟ من هنا نبدأ الدخول إلى رواية السرابيل للقاص الروائي محمد الناصر الصادرة عن سلسلة الكتاب الفضي بنادي القصة 2007 الطبعة الأولى وللكاتب ثلاث مجموعات قصصية ومسرحية . نأتنس بظل الرواية كما يلي :

[1] خيمة الأحداث : تتكون الراوية من عشره كتب بدلا من الفصول و كل كتاب مقسم إلي بابات بدلا من الأجزاء أو الأرقام . ندخل إلي الأحداث عبر هذه الكتب و البابات .

* في ( كتاب النبق ) يُفتتح المشهد الأول في الراويه علي فرن دافئه في يوم خبيز يضاجع رجل اسمه السخل زوجته اسمها المشخلعة فوق هذا الفرن الدافئ وسط خوار البقرة و متعه الزوجة . في الصباح يركب بقرته ذاهبا إلي حقله يتذكر فحولته قبل الزواج و تأثير جسد الزوجة المغول بالمسك والعنبر ، رغم عشرة سنوات لم ينجبا .

* في ( كتاب الجاز ) تضع سبله جرتها تحت المطر لتغتسل به سبع غسلات فجريه . يزداد ماء السيل بين الجبل فيهدم البيوت . يغادر الناس بيوتهم و تنقلب قطار الجاز فتسرب الجاز إلي الأرض التي تشربه . يأتي العسكر من المديرية و معهم بطاطين و أغذيه يوزعونها علي الأهالي يذهب السخل إلي الجبانه باحثا عن سبله خطيبة مسري صديقه الذي سافر إلي القاهرة ( بحري ) . يجدها تبكي ودما ينزف منها يعرف أن جزع شجره فض بكارتها ويجدها وهي تكلم نفسها عن مسري الذي سافر يبيع القلل .

* ( كتاب الصحراء ) يخرج الأهالي إلي الصحراء ينصبون الخيام للإقامة فيها . تتذكر المشخلعة ما روته أمها عندما تكبر البنت ثم تتذكر ما قالته جدتها عن الغولة ثم تعرف أن العمدة الكبير اخذ أراضي أخيه بلا وجه حق بعد أن دفع للقاضي التركي ثلث الأراضي . جاء الابن العمدة الحالي وورث الأرض و لم ينجب سوي المشخلعة التي تزوجت السخل بن خالتها . ترسم سبله علي الأرض شجره فوقها قُمريه تنزف . يروي الكاتب عما يتناقله الناس من أن أم العمدة سحرها سحرة فرعون فصارت بندقيه ( قرابينه ) . و يروي عن جد مسري الذي فقأت عينه عندما حارب ضد الفرنسيين و رفض الانضمام إلي صفوف الفرنسيين كما فعل المعلم يعقوب الذي كون جيشا و حارب إلي صفوف الفرنسيين ضد المصريين .

* ( كتاب العنود ) يذهب السخل إلي السوق يبيع ذهب المشخلعة يحكي له بائع الغله عن جده و عن بائعة الطرح حفيظه وجدها ثم يقص الكتاب عن أم المسخل العنود وكيف كانت دميمة وكثيره الخلافات مع حماتها . يرسل الانجليز رياساً للمكن الذي سوف يشفط الغاز من الأرض . يقيم الانجليز بجوار مقام ابو طربوش ثم تأتي سيده حمراء تنام شبه عارية يتحدث عنها الناس بأنها عفريت احمر . يروى بائع الغله منذ مجيئ الانجليز من عشرين عاماً والحرمة الحمراء معهم كما يروى عن إرسال جد السخل لأولاد الصهبانة إلي الحرب في دار فور إلي جانب السلطان العثماني والانجليزي ضد علي بن دينار للتخلص منهم . لكنهم عادوا وأعطاهم حوضاً يسمي حوض الصهبانة لزراعته .

* ( كتاب الذهب ) تأتي الوزَّانة إلي القرية (التالحة) تشتري الذهب من الأهالي ليعيشوا بثمنه ثم يقص الكتاب علي لسان العنود أم السخل عن البقرة التي فعلت في الحرب أحداثا جساما حتي قتلوها و أخذها السلطان العثماني . يقص الكتاب عن قطر الجاز الذي جاء للتشوين في التالحة وينقل الجاز إلي معسكر الانجليز . يجتمع العمدة مع الناس في صيوان و معهم ريس المكن في وجود الحرمة الحمراء مرتدية ملابساً قصيرة . يتأسف ريس المكن علي تهدم الجامع بفعل السيل و الكنيسة . ثم يقص الكاتب عن وفاه مسري بين المنيا و أسيوط وحفظ جثمانه بالواح الثلج حسبما أوصى وطبقاً لما روته خادمه دير المحرق العمياء .

* ( كتاب الحريم ) يحتفل الناس بمولد ابو طربوش و يقيمون حلقات الذكر . تقيم المشخلعه حلقات ذكر مع الحريم . يترك السخل الذكر ويذهب إلي أرضه التي أتلفها الجاز يصرخ ، يقتاده الحراس إلي ريس المكن . تروي المشخلعه ما قالته جدتها عن هبوط ناس إلي التالحه لهم نساء يركبونها بفحوله سموا أنفسهم بيت الملائكة هجم الناس عليهم و معهم جد (سمهج) الذي ضربهم بعكازه الذي أخذه من شيخ البلد ثم صار للمشخلعه بعد جدتها .

* ( كتاب الريح ) تبرطع بقرة السخل ولا احد يعرف السبب حتي تأتي المشخلعه و تسحبها في هدوء وتسير البقره التي لم تبرطع إلا يوم الرجفة . يتذكر السخل جده يوم هبوة أمشير يتمزق جلبابه ويسقط سرواله . يذهب السخل إلي السوق ليشتري شالا للمشخلعه يروي له البائع الغله عن ختان الحريم و انه لابد منه رغم انه لو اغلقوا فروج الحريم بأقفال ستظل حريما . يروي السخل عما رآه من الحرمة الحمراء بين ساقيها و أكده بن بائع الجاز لما راءها علي مورده المياه . تقيم النساء حفل طهور للحرمة الحمراء يجعلون خرقه حمراء رمزاً لها يجرين عليها الطهور ويشعنا ذلك بين الرجال يقتل الانجليز أبونا لاتهامه بأنه شارك في مظاهره وهو شاب ثم ينقلون شيخ الجامع إلي أسوان و يعين العمد بن بائع الجاز الجاهل خطيبا وشيخا بدلا منه .

* ( كتاب الخبل ) يخلع السخل جلبابه و يتظاهر بأنه يسند شيئا ما بكتفه . يتجمع حوله الناس ، يخبرهم السخل أن الزمن سقط . تروي المشخلعه ما حدث بين جدة السخل الرشوف و أمه العنود من مكايدات نسائيه و خلافات يتزوج العمدة من الوزانة ، ثم يحكي السارد العلم عن جد السخل الذي قرر نصرة المظلوم عند ما جاء الملتزم و اخذ كل المحصول و لم يترك للناس شيء ، ذهب إلي القاهرة مصرا علي مقابله شيخ البلد يعود إلي القرية مكتوفا الساقين و الزراعيين بعد أن ضربه المماليك بقسوة . توصي حفيظه السخل أن يأخذ ابنتها براح إلي التالحة عندما تموت أمها حفيظه .

* ( كتاب القطن ) يعرف العمدة أن التالحة سوق تصبح مركز وشونه للانجليز و ستقيم بها حاميه انجليزية . تعلق المشخلعه علي زواج العمدة من الوزانه بان رغم أوضاع البلد لم (يتعكنن) مزاجه . تجد احدي النساء الوزانة عند البئر مشنوقة . يروي السخل للناس أن احد الجن زاره و اخبره أنهم شنقوا الوزانه قربانا لربهم و طلبت منهم الوزانه يميهلونها حتي تقول وصيتها وقد اوصت السخل أن يوزع الذهب علي حريم التالحه صدقه علي روحها . تحكي سبله عن حلق مسري صار له جناحان فيخبرها السخل أن حلق مسري في أذن الساكت ترد انه في أذانها . يأخذ الانجليز العمدة إلي السجن بعد قتل الوزانه .

* ( كتاب البئر ) يروي العمدة عن رماح الذي قام بتسليم نفسه للانجليز و رافقه في السجن . يقصد رماح التالحه ليدخل بطن الحرمه الحمراء فهو المكان الوحيد الذي لا يوجد فيه انجليز . سمع العمدة كلاما من الراديو أن اتفاقيه تعقدها الحكومة مع الانجليز لخروجهم من مصر . تروي سمهج عن إمرأه دفنت . أولادها وزوجها و ظلت تصرخ حتي تفجر الماء من تحت قدميها فصارت البئر و طارت المرأة بعد ظهور جناحان لها علم شيخ البلد فأرسل له نفراً نصبوا على البئر راية شيخ البلد كي تدعوا القوافل باسمه .

* ( مدخل تعريفي ) مرت الراوية بعديد من المتغيرات عبر عصورها منذ الظهور و الاستقلال بذاتيتها حتي أصبح لها شخصيه فيه بعيده عن المقامات أو الملاحم والسير والتاريخ و الحكايات التي أخذت أنماطاً مختلفة . استقلت الراوية بعد عده تأثيرات خارجية و داخلية عبر الأحداث التاريخية و التأثير بالرواية الغربية ، بعد كل هذا صار للرواية لدينا ثلاث حلقات الأولي هي الراوية التقليدية وهو تصميم بعيد إنتاج الوعي السائد تتمثل وظيفتها في التعليم و الوعظ و الإرشاد و لقد ساده و سيطرت هذه الحلقة طويلاً في الوطن العربي ولقد أسهمت الرواية التقليدية في تخليص اللغة من السجع و البلاغة الشكلية و أصبحت قادرة علي التحليل والوصف فتأسس جمهور من قراء الرواية تلبي له الرواية حاجات ضرورية . فهي صارت وسيله لنقل الأفكار و العظات وهنا وجد حرص شديد علي التوثيق و التسجيل باسم الواقعية أو باسم الايهام , و الوقائع تأخذ مساحه اكبر من الشخصيات كما كانت الأحداث تترابط مره بالمصادفات وأخرى بالقضاء و القدر وثالثة بتدخلات السارد العليم الذي كان يتدخل و يفسر و يعلق و تتحدث الشخصيات بلغة الكاتب و تنقل آراءه و أفكاره . مع التطور و التمرد و محاوله التجديد دخلت الحلقة الثانية أو ما يسمي بالرواية الحديثة التي ظهرت تلبية لحاجات جماليه اجتماعيه بدون إغفال أثر التراث من ناحية و المؤثرات الأجنبية من ناحية أخري . فأصبحت الرواية تعبر عن وعي فني متطور وتجسد فعلا مفاهيم أدبيه . إذن الرواية الحديثة صارت بنية أدبيه مميزه تتخلق نتيجة تفاعلات ذاتية مثل طبيعة العناصر الروائية و تفاعلاتها مع التفاعلات الموضوعية مثل علاقتها بالواقع و التراث المحلي و العالمي وعلاقتها بالجمهور . هذه الرؤية تعكس الإحساس بالقدرة علي فهم الظواهر و الرابط بينهما و تصوير علاقاتها الداخلية و تعتمد علي البداية و الذروة و النهاية في بناءها الهندسي و تركز علي التفاعل بين الحدث و الشخصية الذي يؤدي إلي نمو الأحداث و تطور الشخصية حيث يختفي الكاتب و كثيرا يستخدم ضمير المتكلم بدلا من ضمير الغائب في السرد أو نلمح تعدد الرواة و تنوع الضمائر الساردة لا شك أن ظهور الرواية الحديثة يستند إلي مرتكزات أدبيه وثقافيه و اجتماعيه وسياسيه مثل تراكم الخبرات الفنية و الأدبية وتطور الوعي الجمالي و التواصل مع تجارب الروائيين الأجانب (راجع أنماط الرواية العربية الجديدة د. شكري عزيز ماضي عالم المعرفة عدد 355 / 2008 الكويت) كذلك انتشار التعليم وزيادة عدد السكان و انتشار دور النشر و الصحافة و المكتبات كما يمكن أن نقف عند المد الفكري و النهوض الثقافي و القومي و السياسي في الخمسينات و الستينات و نضح الحركات الوطنية ونجاح حركات التحرر في العالم . يعتبر عام 1967 هو الحد الفاصل في حياة الرواية العربية كما يري د/ شكري عزيز ماضي في كتابه سالف الذكر " و الباحث في الرواية يري أن هزيمة 1967 هي بمنزله الحد الفاصل فمع الهزيمة سقطت قيم كثيرة و قد جاءت الهزيمة تعبيراً حاداً و صارخاً عن تفسخ الايديولوجيا السادة آنذاك و عن هزيمة ألابنيه الحزبية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية والعسكرية " هذه العوامل أدت إلي التمرد علي الجماليات وإبداع شكل روائي جديد . ظهرت الحلقة الثالثة من الرواية مع تشظي الأبنية الاجتماعية وفقدان الإنسان و حدته مع ذاته كان لابد من الاستناد إلي جماليات التفكك بدلاً من الوحدة و التناغم ولجأ الكاتب إلي تحطيم الإيهام بالواقعية فعمد الكاتب إلي انحرافات سردية متكررة متعمدة . والانتقال من حدث إلى آخر ومن مكان لأخر ومن شخصية إلى ثانية وكسر التسلسل الزمني و تداخل الأزمنة و أحياناً تختفي وأيضا المكان ، و الموضوع لا يتصف بالوحدة أو التناغم و الشخصيات مجرد أطياف أو أسماء أو حروف كما يستخدم الروائي مستويات لغوية متعددة و ربما يتمرد على اللغة المألوفة و قواعدها سميت هذه الحلقة بالرواية الجديدة وبعض النقاد أسماها راوية اللارواية أو الرواية التجريبية او الطليعية أو الشيئية . رواية السرابيل واحدة من هذه الروايات الجديدة أو متعددة الأسماء و الألقاب . تنطبق مفاهيم الرواية الجديدة علي رواية السرابيل كما يلي .

1- الانحرافات السردية المتكررة فيروي من التاريخ و الماضي والتراث والحاضر و الأسطورة و الخرافة مع تداخل التراث الديني و المحلي .

2- عدم التسلسل الزمني فتتداخل الأزمنة بين الماضي التاريخي و الماضي الروائي .

3- عدم التسلسل المكاني فالأماكن عديدة متداخلة ولا تأتي مترتبة .

4- خلخلة البنية الروائية فعلي مستوي البناء يمكن نقل أحداث من أماكنها أو نقل أجزاء أو كتب قبل أو بعد أجزاء أخري دون خلل في التسلسل الأحداث .

5- تداخل و تعدد أوجه السرد بين السارد العليم و بين أشخاص عديدة يرون لبعضهم البعض مما يؤطر لنظرية التبئير أو وجهة النظر التي تنطوي علي ثلاثة أنماط سردية .

أ‌- سرد للشخصية و هو رؤية من الوراء حيث الراوي يعلم أكثر من الشخصية المروي لها كما نرى سرد بائع الغلة للسخل في أكثر من موقع و سمهبح تروي للمشخلعة في مواقع كثيرة .

ب‌- سرد مع الشخص و هو الرؤية مع حيث يتساوي الراوي والمروي له في حد المعرفة كما تروي سبله عن حبها لمسرى عتابها للتأخير عليها فيما ترويه للمشخلعة و المشخلعة تعرف حبهما وانتظار عوده مسري لإتمام الزواج .

ج- سرد خارجي و هو الرؤية من الخارج فالراوي يعلم أقل عن المروي له كما يروي رماح للعمدة في السجن عن بحثه عن مكان لا يوجد فيه انجليزي .

" راجع بناء الرواية د. سيزا قاسم / وكتاب وجهة النظر في رواية الأصوات العربية د . محمد نجيب التلاوي كتاب نقدية هيئة قصور الثقافة ".

6- التشيؤ و هو إنطاق الأشياء بألسنة تشارك في الرد و التعلق عن الأحداث كما فعل الكاتب مع البقرة والفرن والجبل والصحراء والشمس والبئر وباقي الأشياء التي جعلها تنطق بالألسنة .

[3] ( خيمة الأطروحات ) مع صعوبة تلخيص الأحداث و تداخل الماضي مع الحاضر و تعانق الأسطورة مع الخرافة مع الواقع يصبح من الصعوبة البالغة التفكير والوصول لما تقوله الرواية مباشرة نظرا لتعقد الأحداث و بروز أكثر من صوت سردي ورغم ذلك يمكن استنتاج ما تطرحه الرواية .

3-1 ( ظل الظلم و السطوة ) يبرز سريعا الظلم و السطوة في الرواية في ( كتاب الصحراء ) نجد العمدة الكبير أخذ أراضي أخيه لنفسه بعد أن اتفق مع القاضي التركي و أعطاه الثلث وأخذ العمدة الثلثين ، و حرم أولاد أخيه من حق أبيهم . لقد استخدم القاضي التركي الفاسد سطوة منصبه مثل العمدة الذي استغل منصبه والاثنان . أخذا حق غيرهما ظلما . يبدو أن الظلم متوارث اباً عن جد في ( كتاب العنود ) نجد جد السخل و هو ابن للعمدة الذي أكل حق أخيه نجده يرسل المعارضين له أولاد الصهبانة إلي صف الانجليز طبقاً لما أراده السلطان التركي ضد علي بن دينار في دارفور لكنهم عادوا و أعطاهم العمدة جد السخل حوضا يزرعونه باسمهم خوفا منهم . السطوة هنا تتيح لصاحب القرار أن يظلم استغلاً لنفوذه في ( كتاب الخبل ) يأخذ الملتزم التركي كل المحصول من ناس قرية التالحة يصر جد العمدة أن يقابل شيخ البلد لنصرة المظلوم والشكوى إليه في القاهرة و فضربوه بقسوة وأعادوه مكتوف اليدين والساقين معصوب العينين إلي البلد التالحه . في ( كتاب البئر ) علم شيخ البلد بأمره تفجر البئر فأرسل نفرا تابعين له نصبوا راية باسمه كي تدعو له القوافل . من لم يبذل جهدا يأخذ ما جاء عفوا استمرار لجدليه الظلم و السطو علي حاجه الغير .

3-2 ( ظل التدخل الأجنبي ) لم يعمد الكاتب إلي المباشر لكنه اعتمد علي ذكاء وثقافة و قدره القارئ علي الفهم و الوصول إلي الفكرة . لم يتعلق الكاتب مباشره علي التدخل الأجنبي في شئون البلاد . نجد الانجليزية يرسلون ريس المكن إلي البلدة بحجة شفط الغاز من الأرض في النهاية يقيم بصفة دائمة و يصبح الانجليز حراسا يمنعون الناس من نزول أراضيهم كما منعوا السخل من نزول أرضيه و امسكوا به . لقد روى بائع الغلة في السوق للسخل أن الانجليز جاءوا منذ عشرين عاما و منذ أن جاءوا ومعهم الحرمة الحمراء لما ترمز له من عري و فساد و أسلوب تعامل مع التقاليد والعادات مختلف عن أهالي البلدة . لقد رحب القادة العرب قديما و حديثا عبر التاريخ المتوارث بوجود الأجنبي ووقفوا بجوارهم ودعوا الشعوب للوقوف إلي جانب الأجانب فالسلطان التركي يأمر العمدة بإرسال أناس للحرب إلي صف الانجليز في دارفور ضد علي بن دينار المسلم لمجرد التمرد . والمتدخل الأجنبي يتخذ التقرب الديني وسيلة لإمالة الشعوب إلى صفه وهي خديعة فعلها بونابرت حين غزا مصر حاول استمالة رجال الأزهر فأعلن احترامه للدين الإسلامي ومن قال إنه أعلن إسلامه وعندما اندلعت مظاهرة أمر رجاله بالعبث بخيولهم داخل ساحة الأزهر . هذا على مستوى التاريخ أما على مستوى الرواية يكرر الإنجليز هذا الواقع الفني يأسفون على تهدم الكنائس والمساجد بفعل السيل (كتاب الذهب) ، ثم يقتل الانجليز أبونا تهمة بالتظاهر وهو شاب مع آخرين ضد الإنجليز هذا ما فعلوه مع رجل دين مسيحي أما رجل الدين المسلم شيخ الجامع ينقلونه إلى أسوان وفي تواصل للتعامل والتآمر على البلد من قبل الحاكم يبارك العمدة هذه الخطوة ويعين بن بائع الجاز واعظا وهو الجاهل فلا يقام في التالحة قداس ولا صلاة جمعة وبذلك يتم جزر الدين بفعل الأجنبي والحاكم المتآمر معه (كتاب الحريم). أصبحت التالحة – وهي رمز لأي مكان أو دولة – وسية لريس المكن وترسل المديرية المراسيل تطلب أن يساعد الناس ريس المكن على غرضه وجاءت الحمول وتم تشيد بيوت للانجليز صـ 182 كما تقرر الحكومة تحديد التالحة شونة للانجليز كبيرة . يرد أيضاً في صـ 178 يعلنون أن مصر كلها بكلابها وبقرها وأرضها وبهائمها مع الانجليز في حربهم ضد الألمان . الكمد يدفع بعض الشرائح إلى التمرد كما تفعل بقرة السخل التي تبرطع وعندما يسألوه عن السبب يرد أنها تكره الانجليز وتكره سيرتهم . كذلك تفعل نسوة التالحة عندما يقررن الانتقام من الحرمة الحمرا التي تلبس ملابس قصيرة ويرى السخل ما بين ساقيها يجعلن خرقة حمراء رمزا للحرمة ينتقمن منها – في صورة الخرقة – ويجرين لها عملية طهارة أو ختان . هل أصبحت النسوة رمزاً للرجولة والتمرد سؤال يلقي ظله في خيمة الأطروحات الرمزية .

[4] خيام التقنية :

4-1 الحبكة والبناء : اعتمد الكاتب في حبكة أحداث روايته على أسلوب التزاوج بين تقديم اللحظة الآنية ثم استرجاع الماضي وسرد أحداثاً روائية خالصة أو روائية تاريخية بعدها يعود الكاتب إلى الحاضر في هذه الحبكة نرى حكايات الماضي لها تأثير كبير . نجد هذه الحكايات ممثلة فيما ترويه المشخلعة عن جدتها التي روت لها عن عروس البحر والجن وزواج الجن والبئر والرجفة والديمومة وعن اليونانية جدة سبلة كذلك نجد ما يقصه السخل عن جدة . ثم يقص الكاتب عن المماليك والعثمانيين والفرنسيين والإنجليز وسعد زغلول ليتحاور بذلك الواقع الروائي الفني إلى جانب جزء من الواقع التاريخي . أما عن البناء اعتمد الكاتب على بناء خارجي غير ما هو متعارف عليه فلا توجد فصول لكنه استخدم بدل الفصول كتب فالرواية تتكون من عشرة كتب (النبق – الجاز – الصحراء – العنود – الذهب – الحريم – الريح – الخبل – القطن – البئر ) كل كتاب يحتوي على بابات مأخوذة عن بن دانيال التي استخدمها في مسرح خيال الظل أيام العصر المملوكي . بعض الكتب تحوي بابتين أو ثلاثة أو أربعة . يصل مجموع البابات إلى سبع وعشرين بابه تكون المشاهد الإجمالية للرواية.

4-2 السرد بين الحاضر والماضي : يستخدم الكاتب تنوعاً في أسلوب السرد فهو يزاوج بين الحاضر والماضي مع تنوع أصوات الساردين كما نجده يشخص الأشياء فيمنحها لساناً تنطق به تعليقاً على الأحداث أو سخرية مما يجري أو من الأشخاص مثل ( البقرة – البئر – الفرن – الجبل – الحقل – الجوزة – حجر الجوزة – الوابور – القطر – الشجرة – القبور – الصحراء – الرمال – مخرق الجبل – الذهب – الدكاكين ) يتكرر ظهور لسان هذه الأشياء . في أكثر من مشهد . ترى الشئ الواحد ينطق أكثر من مرة في أماكن متفرقة . يلجأ الكاتب كثيرا إلى دمج الأحداث التاريخية في كثير من البابات مثل (باب العشية – باب البلجة – باب الجبانة – باب الديمة) وفيما يلي تفصيلا لهذا الأسلوب السردي .

- صـ 54 تذكر المشخلعة ما قالته جدتها عند بلوغ البنت .

- صـ 55-56 يقص الكاتب على لسان الجدة سمهج عن الغولة وعن اليونانية جدة سبله رائعة الجمال والتي ورثت عنها سبله جمالها الرائع .

- صـ 70 يقص عن الفرنسيين في الصعيد وبندقية العمدة ثم يعود إلى الحاضر .

- صـ 78-79 يسترجع الكاتب عن أم السخل .

- صـ 80-81-82-83-84 يسترجع على لسان بائع الغلة حكاية جد حفيظة بائعة الطرح وابنتها وأبو حفيظة .

صـ 93-94-95 يسترجع القص عن جد بياع الجاز وجدته ثم يعود للحاضر من صـ 96 أخر ثلاثة سطور .

صـ 174-175-176 يقص على لسان المشخلعة ما حدث بين أم زوجها العنود وبين الرشوف حماة العنود ثم يعود إلى الحاضر صـ177 في السطر الثالث وما بعدها .

صـ 181-182 يسرد الكاتب عن جد السخل العمدة الكبير عندما ذهب إلى القلعة لمقابلة شيخ البلد ثم يعود في منتصف صـ 182 يسرد عن الحاضر .

صـ 183 يسرد على لسان بائع الغلة عما فعله الفرنسيون في ولد طلب منهم الرحيل ثم يعود في السطر السادس يقص عن الحاضر. بين طيات هذا الأسلوب السردي يستخدم الكاتب التراث بأنواعه التاريخي والديني الإسلامي والمسيحي والقبطي وألفاظ بيئة خاصة بالصعيد .

4-3 تعدد أصوات القص : لا يتوقف القص عند حد الراوي العليم فقط كما في أغلب الروايات لكننا هنا نجد تعددية في الأصوات الساردة . لأن هنا يكثر الرواة ويتداخلون مع سرد الكاتب . فالسارد العليم يقدم المشهد في الوقت الحاضر ثم يعود الكاتب على لسان أحدى الشخصيات إلى الماضي .

نجد هذا التنوع في صوت الساردين كما يلي :

1- المشخلعة تروي عن جدتها سمهج عن الحكايات الخرافية والبئر والرجفة والديمة وبيت الملائكة والجميزة وعندما تكبر البنت كذلك ما ترويه سمهج لسبله عن جدتها اليونانية .

2- السخل يروي عن جده العمدة الكبير وجدته الرشوف وما يقصه أيضاً عن موت الوزانة وحلق مسرى .

3- بائع الغلة يروي عن قرية التالحة والانجليز والفرنسيين وعائلة حفيظة بائعة الطُرح .

4- سبلة تروي عن مسرى ووعده لها وأنه جاءها في نومها ثم تروي عن حلق مسرى في أذنيها الذي أصبح له جناحين طارت بهما.

5- العمدة يروي عن البئر وجده والغزالة كذلك يروى عن رماح الذي قابله في السجن .

6- مسرى يروي عما دار بينه وبين خادمة الدير التي تنبأت بموته .

7- العبيط يروي عن الرجال الملائكة .

8- ابن بائع الجاز يروي عن الحرمة الحمرا .

9- سرد الأحداث التاريخية يشترك فيها الكاتب مع سمهج جدة المشخلعة التي تروي عن شنق العبيط أسوة بشنق طومان باي.

10- استنطاق الأشياء حيث اختفى السارد العليم خلف الأشياء وجعلها تنطق للتعليق على الأحداث أو السخرية .

[5] خيمة التشخيص والتصوير : تتعدد الأشخاص داخل الرواية وتتعدد أنماطها العددية تخظى الرواية بثلاثة أنماط عددية هي:

1- أفراد وتشمل الساكت وهو المراقب لما يدور – بائع الغلة – ريس المكن – الحرمة الحمرا – شيخ الجامع – ابونا – الوزانة – السبطي – بن المبروش – زعبوط – سمرود – سمرودة .. إضافة إلى شخصيات تاريخية مثل سعد زغلول – قطز – بيبرس – السلطان العثماني – شيخ البلد – مراد بك – إبراهيم بك – القاضي التركي – خادمة الدير – محمد علي باشا – رشدي باشا .

2- عائلات كل عائلة تتكون من أفرادها مثل :

- السخل – أمه – أبوه – جدته .

- المشخلعة – أمها – أبوها العمدة – جدتها .

- العمدة – أبوه .

- سبلة – أبوها – أمها – جدتها – جدها .

- مسري – جده .

- بياع الجاز – أبوه – أمه – جدة – جدته – ابنه

- السبطي – أمه – زوجته – عياله .

- حفيظة بائعة الطُرح – جدها – زوجها – أبوها – ابنتها .

3- مجموعات وهم أشخاص صامتون لا صوت لهم لكنهم يتحركون في الأحداث وهم أشبه بالكومبارس مثل (الرجال الملائكة ونساءهم وعيالهم – عيال الجن – البحارة على ظهر المركب مع مسرى – المماليك - الفرنسيين – العسكر – العمال الانجليز – متظاهرون – مساجين ) كما رأينا تنوعاً وتعدداً في تشكيل الشخوص أما عن التصوير أو ما يسمى بالتشخيص . استطاع الكاتب أن يرسم ويرصد أبعاد كل شخصية كما نلاحظ ثمة شخصيات محورية وهم (الساكت – السخل – المشخلعة – سمهج – العمدة – سبلة – مسرى ) وهم الشخوص الذين تدور غالباً حولهم أحداث الرواية ويساهمون أكثر من غيرهم بالفاعلية والتفاعل . أما أكثر الشخوص التي تجسد الحب والحرمان والمأساة هما شخصيتي مسرى وسبله لما لهما من حضور مشاعري فهما يجسدان الحب الصادق والحزن والتنبؤ وهم أيضاً شخصيتان يتعاطف معهما القارئ فمسرى الحبيب يسافر إلى بحري – القاهرة – يبيع القلل ويعود ليتزوج سبله هذا هو المخطط له من قبل البطل المسافر . يذهب إلى الدير في أسيوط تقابله خادمة الدير العمياء تتنبأ له بالوفاة .

يروى لرفاقه ما قالته الخادمة . ويوصيهم بلف جسده بألواح الثلج وإعطاء الشال الذي رفضته الخادمة لسبلة وبالفعل يموت مسرى بينما سبلة تنتظر تستحم الحموم الفجري بماء المطر وهي عادة البنت المقبلة على الزواج تستحم سبعة أيام فجرية بماء المطر استعداداً للزفاف – تستعد سبلة وتمارس هذه الطقوس وتقرر أن تعاتب مسرى لتأخره عليها ثم تقرر ألا تعاتبه فحبه يشفع له عندها . بينما هي عارية أثناء الاستحمام يقتحم السيل القرية تخرج خائفة عارية في طريقها إلى الجبل يتم وأد بكارتها بواسطة فرع شجرة فأصبحت لاهي بكر ولا هي امرأة . تعيش وهي تجتر الذكريات . نجح الكاتب في اختيار أسماء بيئية مناسبة لها مدلولات فأعطى للأسماء الأساسية دلالات في المعاني منها ما فسره في تزييل الصفحات ومنها ما هو مفهوم من السياق أو من التراث كما يلي :

- الساكت وهو الصامت رأيناه في الرواية صامتاً لا ينطق لكنه يرى ويراقب الأحداث كلها .

- السخل اسم بن الماعز الصغير وأيضاً اسم تدليل فكانوا يسمونه السخل أو الجدي لأن كل اخوته توفوا صغار آملين فيه البقاء وأن ينجيه الله وهذه عادة مصرية قديمة إلى حد ما .

- المشخلعة – وهي سلسلة من الذهب تتدلى على صدر المرأة وإذا سميت به الأنثى يدل على الأصل العريق وأيضاً يدل على الجمال والتدليل .

- سمهج الريح اللينة والمرأة الحسناء .

- العنود – الغزال وتدل عن الجمال لكنه جاء في الرواية تندراً وسخرية .

- سبلة – ثمرة عود القمح وتدل على الخير المنتظر .

- مسرى – الشهر الثاني من الشهور القبطية وهو شهر الفيضان ويدل على شخص يرجى خيره .

- حفيظة – التي حافظت على عهد جدها الذي حارب الانجليز وهي رفضت أن تبيع الطُرح للرجال الانجليز .

- الرشوف – امرأة طيبة الرائحة .

[6] ظلال متجاورة : تتجاور ثلاثة أشياء تلقي ظلالها وسط خضم الأحداث ندخل إليها .

6-1 ظلال التاريخ : تتواجد أحداث تاريخية في بنية الأحداث العامة فنجد أحداثاً تاريخية وسط الأحداث العامة الروائية فنجد مثلاً إشارة إلى المماليك الظالمين وسيطرتهم على البلاد كما نجد الفرنسيين واحتلالهم للبلاد ومن قبلهم نجد الصليبين ولويس التاسع عشر والقبض عليه في المنصورة وأسره في دار بن لقمان وكذلك نجد إشارة إلى قطز وبيبرس وهما من سلاطين المماليك الذين حكموا مصر . كما يرد اسم شجرة الدر والملك الصالح نجم الدين أيوب وبعد ذلك نجد العثمانيين ومجيئهم إلى مصر وظلمهم للعباد وشنق طومان باي على باب زويلة ومذبحة القلعة التي نفذها محمد علي باشا ضد المماليك ثم مجئ الانجليز مصر وحربهم ضد الألمان وسيطرة الانجليز على قرية التالحة في الرواية بحجة شفط الغاز من الأرض وإعادة أعمارها ثم مكثوا وجعلوها شونة ومكان تخزين القطار ولم ينفذوا شيئاً من الوعود . تشكل هذه التاريخيات جزءاً من الأحداث يأتي عبر الاسترجاع أحياناً وعبر السرد المباشر الآني :

6- 2 ظلال الجنس : نستظل به منذ المشهد الأول حيث يفتتح على السخل فوق المشخلعة والاثنان فوق الفرن في ليلة خبيز شتوية فالمشخلعة تمنت زوجها الليلة وهي تخبز أمام الفرن وتم لها ما أرادت وسط صوت خوار البقرة ونباح الكلبة ثم يدخل في المشهد نار الفرن التي تشير إلى الرغبة المتأججة وكذلك نار الجوزة حتى لمض العويل عندما ترغب النساء في أزواجهن يشعلن لمبات العويل التي تعمل بالجاز وعويل من القطن – ننتقل إلى مشهد آخر نجده في باب (الديمة) على لسان سمهج الجدة إذا جاءت المطر تملأ البنات الجرار وتستحم العروس قبل زفافها لمدة سبعة أيام حتى ليلة الحناء تكون ليلة الغسل الفجرية السابعة استعداداً للعرس .

نجد صـ 28 الغناء الشعبي للسيل " يا سيل حود على بنات التالحة عاشق وريان " صـ 32 ثم ما تقصه الجدة سمهج عن مضاجعة الجن سمرود للجنيه سمرودة وما أوصته إحدى جدات الجن لبنات الجن أنه إذا تمرد الجني في موعد المضاجعة عليها أن تملأ كفها من لبن ثدييها ثم تخلطه بماء البحر وتذيب فيه جميز مطحون وتجعل الجني يشربه فيصبح مسطولاً ترد كل هذه الصياغات ومشاهد التصوير الجنسية التحريضية إن كانت خرافات تتوارثها الأجيال . صـ66 نرى مشهد شجرة وعليها قمرية تزف وسبلة فوق الشجرة تنزف إشارة إلى فض بكارتها التي كانت تحلم بها سبلة على يد مسرى الزوج المنتظر ولم يعد . صـ 110 مشهد كلبة الباشا الكبير مع كلاب الفلاحين . أخذ الباشا البندقية وأطلق عليها النار وغادر البلدة ولم يدخلها وأولاده لا يربون الكلاب الاناث نهائياً . صـ 121 مشهد الرجال الملائكة في بابة (بيت الملائكة) نرى الرجال الأشداء يركبون فوق نساء تعلو أصواتهم ويراهم الولد زعبوط العبيط يجبرونه على الممارسة مع النساء بشرط أن يخدمهم وإلا سوف يجلدونه . أخر المشاهد الجنسية ظهور بن المبروش الذي كان مثل حمارة شائعة أو شايعة يسير خلفه الأولاد في القرية ومات في يوم اندفاع السيل .

6-3 ظل الخرافة : تحظى الخرافة بحضور هام عبر ما ترويه الجدة سمهج . هذه الخرافة تأتي عبر حكايات أسطورية محددة بمكان – قرية التالحة – وليست أساطير عامة في المعارف الإنسانية . تظهر الخرافة في أحد عشر مشهداً .

1- ما ترويه المشخلعة عن جدتها سمهج عن الجميزة والعفاريت وسمرود وسمرودة وكلها خرافة لا تتحقق ولم تتحقق .

2- ما قالته الجدة عن الديمة والغسل الفجري للعروس سبع أيام قبل الزفاف .

3- رؤية السخل للساكت إحدى عشر مرة . يراه بين دخان الجوزة أو جالسا فوق البحر ، أو عند البئر وفوق مقام أبو طربوش . ويوم شنق أبونا ومشاهدة أخرى إن هذا الساكت وجوده في الرواية وجوداً خرافياً فلا يراه ولا يعرفه أحد سوى الساكت .

4- ما قاله مسرى عن خادمة الدير العمياء التي أنبأته بوفاته .

5- بيت الملائكة حيث رجالا يسموا ملائكة يضاجعون نساء منهم مع ارتفاع أصواتهن واندماج الولد زعبوط العبيط بينهم ومعاشرته وممارسته معهن مثل رجالهن وغضب الناس ضدهم فنزل المطر فاعتقد الناس أن الملائكة تبكي فتركوهم . هنا الاعتقاد الخرافي سيد الموقف .

6- ما قاله الناس عن سحر زوجة العمدة التي سحرها الجن وحولها إلى بندقية .

7- ما قاله السخل عن الجنية أم الحجول التي شنقت الوزانة عند البئر صـ 197 كما روى أن جنياً زاره وأعطاه الذهب ليوزعه على نساء القرية صدقة على روح الوزانة التي شنقها الجن قرباناً لربهم .

8- صـ 178 يروى السخل أنه يحمل شيئاً فوق كتفه ثم يخفف من حمله فيقول إن الزمن وقع .

9- ما تقوله سبله عن حلق مسرى صـ 202 أن الحلق له جناحان تطير بهما .

10- ما يقصه العمدة عن رماح الذي قابله في السجن الذي يرغب في الدخول داخل بطن الحرمة الحمراء .

11- ما يقول العمدة صـ 217 عن المرأة التي كانت تبكي تفجر الماء البئر من تحت قدميها ثم طارت المرأة .

[7] خيمة التراث : تتسع خيمة التراث الذي استخدمه الكاتب بين الديني بشقيه الإسلامي و المسيحي مرورا بالتراث التاريخي وصولا إلي التراث الشعبي بشقيه البيئي و العامي . نري التراث الديني الإسلامي ( مركب نوح صــــ13- طوفان نوح صــــ119 - سوره الإخلاص و الفلق والناس صـــــ185 – سوره الأنعام صــــ191 ) أما عن التراث المسيحي يمثل في وجود الشهور القبطية مثل (مسري – بابه – هاتور – بؤونه – كيك – طوبه - امشير – توت – برموده – ابيب ) ثم نجد نشيد الإنشاد في صــــ45 – 60 – 61 , أما الأسفار نجد سفر الأمثال صـــــ121 – 131 , و إنجيل متى صـــــ165 و رسالة بطرس الأول صـــــ167 و عيد الغطاس صـــــ27 تتدخل كل هذه النقاط التراثية مع السرد العام لأحداث الرواية كما يتدخل التاريخ و الخرافة في سياق الأحداث . إضافة إلي التراث الديني بنوعيه نجد التراث الشعبي الذي يتنوع بين المفردات العامية وبعض مفردات خاصة بالبيئة الصعيدية . التراث من العامية في العديد الشعبي صـــ28 – 29 , صــــ192 , ثم مفردات مثل ( كنكه – جوزه – دماغ – نافوخ – بابور – شونه – شرابه خُرج – كوديه زار – الكانون – غرزه – طرمبة – بليله – سطل – زمام – كوش – صرمحته – يبعزق – فطيس – طاسه – مدنه – يفرفط – الفلكة – تابوت – السيجه – كوبايه – زغاريت – الباط – فتفوته ) التراث الخاص بالبيئة الصعيدية ينحصر في المفردات مثل ( السخل – لمض العوايل – الطورية – صرة الأكل – تجريده – رفطاوي – طاقه – حجل – القياله – خشوم – الديسة – الديمه – القرايبنة – مهموز – بعبع – السهراية – خشم – زول – الوطاق – العوافي – يمطونه – العرجوعة – العركة – دفع الميري – يجض – قعمزوا – الشقفة – جلع – حجاوه – قب جلابيتها ) بالإضافة إلي ألفاظ كثيرة يصعب حصرها و قد افلح الكاتب حين شرح معاني هذه المفردات في تذييل الصفحات حتى لا يحدث غموض في السياق العام للقراءة نظرا لكثره هذه الألفاظ الصعيدية .

[8] ظل مضاد : نقف قليلا تحت هذا الظل كما يلي :

- صـــ34 بابة ( السيل ) أصوات الجبل و قطر الجاز و البيوت والصحراء و البحر – أراها زائدة وكان يحب الاكتفاء بالجانب السردي الذي جاء بعد هذه الأصوات .

- صـــــ80 - 82 – 83 – 84 عندما يروي عن حفيظه و جدها وحكايات الطرح مع العساكر الانجليز كان يمكن تكثيفها إلي حد كبير .

- صــــ87 – 88 – 89 يقص عن نمس السبطي زائدة تماما هذه الفقرة . مع ذلك قدم الكاتب رواية عديدة الأحداث والأشخاص و استطاع باقتدار المزج بين ضمائر سردية متعددة وسط خضم التراث المتنوع .

بقلم : رمضـــــان أحمـــــد عبــــــد الله

» دراســـة نقدية في رواية الضوء والظلال لمحمد قطب
» دراسة نقدية في مجموعة : صانع البهجة لمحمد قطب
» دراسة نقدية في رواية : من هنا وهناك لبشرى أبو شرار
» دراسة نقدية في رواية : الغزالة لقاسم مسعد عليوه
» دراسة نقدية في رواية : رؤية هــــــلال لـ مصطفى عبدالباقي