للتآلف والسقوط في صانع البهجة
· · - الخبرة الكتابية على مستوى الممارسة الإبداعية عميقة متنوعة فالكاتب الذي بين أيدينا يمارس الكتابة الأدبية بكل أنواعها النثرية حيث صدر له خمس روايات ، ثلاث مجموعات قصص أطفال ، مسرحية واحدة ، سبعة كتب ودراسات أدبية ، أربع كتب نقدية بالإضافة إلى ست مجموعات قصصية قصيرة منها (صانع البهجة) الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2008 والتي بصدد القراءة فيها . تحتوي المجموعة على خمسة عشر قصة ندخل إليها كما يلي :.
1- جدلية الأطروحات :
شمولية الرؤية وإنسانية الطرح وخبرة الكتابة تخلق أفاقاً جدلية واسعة وتعدداً فكرياً فيما يجده القارئ في هذه المجموعة وأهم هذه الجدليات هي .
1-1 الحب والتآلف : أهم وأول ما يجده القارئ وهو من الجدليات المسيطرة في أطروحات المجموعة . يعبر عن بحث الإنسان عن تآلفه مع نصفه الآخر بالمعنى الرومانسي وليس بالمعنى التزاوجي فالأشخاص يسعى كل منهم لتحقيق التآلف أو الحب مع طرف آخر هذان الطرفان يمثلان وجهي الوجود الذكر والأنثى . في (سيدة الخمسين) التي تتزوج ابنتها وتسافر تاركة الأم وحيدة . تتذكر الأم ذكرياتها مع الابنة والزوج الذي توفي . ترى في نومها من أحبها رغم الخمسين تهاتفه وتدفع هي ثمن المكالمات . تدفن ملابسها القديمة وترتدي ملابساً زاهية . هذه الملابس هي رمز الأمل والانتصار على الماضي والبحث عن التآلف والحب حتى لو على مستوى الحلم أو التهيئو . في (لحن القول ) الرجل الأديب الذي يصرف مبلغاً ضئيلاً من البنك يقف بجوار سيدة تصرف مبلغ عشرة آلاف يسير معها إلى الكورنيش يتآلفا ويدور بينهما حوار . يطلب منها الزواج ترفض متعللة أنها لا تحب أن تكون سبباً في أذى أي أحد. في (صانع البهجة) الرجل الذي يطرده سيده بعدما كان يجلب له النساء . يعتزل المطرود بجوار مسجد . تقصده النساء لقضاء حوائجهن وفك عجز الرجال معهن خاصة اللائي يردن الإنجاب . تنجب النساء أولاد و بناتاً يشبهونه تماما . هنا التآلف لا يشترط ممارسة الرجل الرذيلة مع كل هؤلاء النسوة . إنه الانتماء والوفاء لمن حل لهن العقد من سحر وخلافه . في (عبور التل) رجل يعيش بمفرده تتآلف وحدته مع المرأة في البناية المقابلة ويتطلع إلى سماع أخبارها . يعرف أنها ذهبت للعلاج بعدما ضعف بعدها بشدة . في (قبو النار) سيدة تتآلف مع صبي بالصف الأول الإعدادي تضمه إلى صدرها . يواصل التردد عليها . تسقط معه في شيء خفي لأنها تؤكد عليه أنها ستقطع أذنه لو حكى لأحد . هو تآلف الجسد إلى من يسقيه يروي العطش . تظل هكذا حتى يجد عندها رجل ذات يوم تخبره أنه سيتزوجها على سنة الله ورسوله وحذرته من المجئ مرة أخرى . هذا الصبي أيضاً تآلف معها في شعور احتياج إلى الأمومة وبكارة الصبا لذا يحزن وتغيم الدنيا في عينيه . في (جوقة من اليمام) رجل على المقهى يرى امرأة حزينة تبثه عن مرضها . يتآلف معها ويحبها . تموت بعد أيام يرون له أن جوقة حمام وعصافير كانت تطير فوقها وهم يشيعون جثمانها . ما بال الحي يتآلف مع الميت لأن الدافع قسوة الزوجة مع الرجل في (نور كالزبد) الذي يزور قبر أنثى ربما أمه. تزوره في نومه بينما الزوجة تدعي أنه يتمارض تذهب لتراه لكنها تجده مات ولبى نداء من زارته في نومه ترد له زيارته لقبرها .
1-2 السقوط : السقوط هنا هو الوقوع في المحظور بمعناه السقوط الخلقي أو الأخلاقي . في (حنيفة لا تضرب الودع) يسقط شيخ الخفراء مع حنيفة ويحاول أن يسقطها معه في الخطيئة الجنسية لكنها ترفض . كما يسقط أهل القرية بعد ما تركتهم حنيفة . وسقوطهم هذا سقوط بمعنى الهزيمة لقد انهزموا عندما غادرتهم حنيفة وهي كانت الملجأ والملاذ لهم جميعاً . من السقوط مسئول الأمن والسقوط الجمعي إلى السقوط الرمزي . في (وردات الترتر الأحمر) يسقط المعلم المدرس مع سيدة مطلقة ينقض عليها بالمعنى الجسدي الجنسي لكنها تقاومه بشدة رغم الإصرار منه والارهاق الذي أصابها من كثرة مقاومتها تنجح في صده . كما تسقط أمها مع رجل آخر يدخل البيت يمارس مع الأم . كأن المسئول والمعلم والقدوة سقوطهم واحد متوازٍ . في (صانع البهجة) يسقط البطل أكثر من مرة الأولى عندما يجذب النساء صانعات البهجة لسيده الذي يركله ويضربه ثم يطرده و الثانية عندما يعتزل الناس يرسل إلى صانعات البهجة مرة أخرى فيرسلن إليه النساء . الثالثة عندما تنجب النساء أولاد و بناتاً تشبهه تماماً وكل الأولاد والبنات على سحنة واحد فربما سقط مع هؤلاء النسوة فجاء الأطفال جميعهم يشبهونه . في (ما قالته الجاريه) تسقط الأميرة والأمير – الأميرة يحملها الغلمان وهي خارجة من الحمام ثم يحاول الأمير عندما تأكله الغيرة – أن يخلصها من الغلمان تسقط عمامة الأمير بين كومة الزبالة . في (قبو النار) تسقط السيدة مع صبى في الصف الأول الإعدادي فهي تقابله في ثوب قصير شفاف تضمه إلى صدرها وتصعد به السطوح ، وتعطيه بيضتين . وتطلب منه ألا يخبر أحداً عن ذهابه إليها . بعدها يأتي رجل ليتزوجها تطلب من الصبي ألا يأتي مرة أخرى وتحذره من الذهاب إلى بيتها .
1-3 تنويعات أخرى : نجد تنويعات أخرى تطرحه الجدليات داخل المجموعة كما نجد عجز أهل القرية عن تجاوز المحنة بعدما هجرتهم حنيفة في (حنيفة لا تضرب الودع) هو نفس عجز الرجل في (الوجه المدبب) عن أن يحقق أحلام زوجته في شقة واسعة والسيارة . من العجز إلى الإصرار في (حنيفة لا تضرب الودع) يصر أهل القرية والبطل محمود يصرون على العثور على حنيفة لأنها هي العلاج والملجأ لهم . الرجل الصياد والذي نراه في العجوز والبحر للكاتب أرنست همنجواي نجد نفس هذا الرجل في (السمكة والأحراش) لديه إصرار على مواصلة الصيد وابتكار طعم للصيد ويظل يواصل حتى يتحقق له ما أراد . قسوة الزوجة نجدها في نموذج زوجة لا تهتم بمرض الزوج وتدعى أنه يعمل من الحبة قبه في (أمام المقام) رجل يشعر بورم في رقبته. نفس الزوجة في (نور كالزبد) رجل يرقد تتأفف منه الزوجة وتدعي أنه لا يتحمل شيء وتهمله حتى يموت .
أخر التنويعات هي النورانية وهي نقاط تكشف لحظات وبقع نور ذاتيه نفسية . فالشخص النوراني يرى ما لا يراه الآخرون وأحياناً لا يوجد سبب منطقي للحظات النور النفسي . في (عبور التل) رجل يجد تنويراً ذاتياً مع سيده في بناية مقابلة ويرصدها داخل الشقة حتى تفرغ من الأثاث تماماً ويتابع أخبارها ليدرك أنها ذهبت للعلاج . في (أمام المقام) الرجل الذي يعاني ورماً في رقبته يأخذ علاجاً باليود لكنه يلجأ إلى ضريح السيدة زينب فتطمئن نفسه ويرى ما لا يراه الآخرون . في (جوقة من اليمام) الحبيبة التي يحبها الرجل تموت ويروون له أن جوقة من الحمام والعصافير كانت تحملها وتطير بها . إنه الصعود عبر وسيلة لا تصدق على مستوى العقل الوضعي .
2- التقنية :
2-1 الحبكة والبناء :
يستخدم القاص في حبكة قصصه الانتقال بين مشاهد السرد ولقطات متنوعة بين الماضي والحاضر في (لحن القول – وردات الترتر الأحمر) . يروى على لسان الجارية (ما قالته الجارية) مع تعانق الحوار بين الأمير والأميرة وبين الأمير والجارية . تبدأ القصة بالسرد حيث الخادم يكنس ويستمر أسلوب الاسترجاع (فلاش باك) ثم يعود إلى الجارية والخادم الذي يكنس . ثم ينتقل السرد بين الأنا والسارد العليم في (جوقة من اليمام - عبور التل) يركز الكاتب على الوصف والتصوير والوجع والمعاناة . كما نجد لديه براعة الارتداد والرجوع في (سيدة الخمسين) تأتي اللغة لديه معبرة عن الموقف القصصي خاصة فيما يتعلق بالوحدة والذكريات والفقر والقسوة والسقوط . أما عن البناء يعتمد القاص على التتابع في القصة كاملة لكنه يستخدم بعض الفضاءات النصية فنجد في (حنيفة لا تضرب الودع) .
صانع البهجة - ما قالته الجارية – صعود الدرج) يستخدم فواصل نجوم بين أجزاء القصة مع تقسيم قصة (وردات الترتر الأحمر ) إلى سبعة أجزاء كل جزء له رقم . كما في (سيدة الخمسين) التي قسمها إلى ثمانية أجزاء أيضاً كل جزء له رقم . أما باقي القصص تعتمد على التتابع المنطقي بدون أية فواصل . يستخدم كذلك فضاءات بين الحوارات هذه الفضاءات عبارة عن فراغات . الحوارات كلها تأتي بالفصحى على الرغم من تنوع المستويات الثقافية والمعرفية . واختلافها بين الأشخاص .
2-2 اللغة والتصوير :
اللغة أداة والتصوير حرفة ممزوجة بموهبة عندما نلج إلى لغة الكاتب نجدها تأتي بعيدةً عن المصارحة أو المباشرة وكذلك بعيدة أيضاً عن الألغاز لكنها تأتي داعية إلى التفكير تأتي الفقرة اللغوية تدعو القارئ أن يتفكر في بعض الجمل . يمكن أن نسمى بعض العبارات بأنها تعبر دائماً عن الوجع والوحدة والمعاناة . ترتبط اللغة بالتصوير ارتباط الأداة بالهدف أو الوسيلة بالغرض . أجاد القاص في تصوير المواقف في كل قصة . كما نجد مشهد هجوم الأفندي على السيدة (وردات الترتر الأحمر) وهو نفس الموقف الموازي لهجوم شيخ الخفراء على حنيفة (حنيفة لا تضرب الودع) . نرى تصوير الوحدة وحب الأم للابنة والبحث عن الحب والتآلف (سيدة الخمسين) . مقاومة السيدة وعنفها وإصرارها على رفض السقوط مع الأفندي (وردات الترتر الأحمر) . معاناة الناس والدمار والإضراب الذي أصابهم بسبب زواج حنيفة كما نجد إصرار حنيفة على بعث القوة في العاجز (حنيفة لا تضرب الودع) . كذلك إسراع النساء إلى الرجل كي يعالج الرغبة والعقم وتجمع الناس ضده وتنبيه النساء له بمؤامرة الرجال عليه ثم هروبهن معه (صانع البهجة) . كما أجاد القاص تصوير مشهد سقوط الأمير والأميرة على يد الغلمان . (ما قالته الجارية) . نجد أيضاً صورة نهاية الحبيبة حين تحملها جوقة من اليمام والعصافير وتطير بها (جوقة من اليمام) . صورة موت الرجل وقسوة زوجته والحميمة بينه وبين السيدة التي زارته في نومه (نور كالزبد) يقول في صـ 65 (لحن القول) .
ضحكا في زعقة واحدة ، فالتفتت الروؤس .. فابتعدا . وأحست به يقبض على القلب ، ويعصر الصدر ، ويوقف العين ، ويلوي العصب .. فتوقفت أخذت نفساً عميقاً وأخرجته دفعة واحدة . أحس به كاللهب . أحكمت وشاحها ، وبسطت أصابعها على صدرها . وامتثلت .. وكمن أطبق العين ثم فتحها ، جاءها الشعور الحاكم بان تعود . أن تخلع نفسها مما هي فيه ، وأن تنتبه . هي الآن في المكان الذي كان يجب أن يقف فيه ، يتأمل الشاطئ الآخر ، يحببها في النيل ، يتغنى بموجه ، ودكنته ، ووداعته .. يشاكس الأشرعة ، ويراقب الطيور وصائدي السمك .
2-3 التشخيص :
قلما يتطرق الحديث عن الشخوص أو مهارة التشخيص في قصص قصيرة بينما يغلب ذلك في التحدث عن شخوص الرواية نظراً للفوارق بينهما . هنا تتجلى قدرة القاص وخبرته في بناء الشخوص وقدرته في التصوير والغوص في أعماق الأشخاص . أبرز الكاتب النماذج البشرية وتنوعها داخل المجموعة . الشخصية الرافضة للسقوط في الرزيلة مع الأفندي ورغم أنها سيدة مطلقة وتنتقد الأم الساقطة في الخطيئة وعنف إصرارها على المقاومة وصد الأفندي الساقط في (وردات الترتر الأحمر) . شخصية حنيفة المنقذ لكل عاجز والملهم لكل محتاج أو مريض وهي شخصية محورية يدور حولها فلك القصة كلها . كل الأفراد تحزن لفراق حنيفة التي اختارت أن تبث الإحياء والبعث في شخص عاجز (حنيفة لا تضرب الودع) . ما بال الحب في سن الخمسين بعد الكفاح وتربية الابنة حتى تتزوج . تصبح السيدة وحيدة . تقضي وقتها في التذكر والذكريات ثم تخرج من عزلتها وتذهب إلى النادي حتى تحب شخصاً تتآلف روحها إليه وتدفن ملابسها القديمة وترتدي ملابساً زاهية استعداداً لمرحة وحياة جديدتين . الأديب هنا نموذج ورد في ( لحن القول) نموذج يحتاج إلى الرومانسية والمال مثله مثل السيدة التي وجدها في البنك تصرف مبلغ عشرة آلاف جنيه وهو يصرف مبلغاً هزيلاً يسقطان في فخ الاحتياج كل للآخر يسيران على الكورنيش ويقضيان وقتاً ممتعاً لكل منهما ثم يفترقان بعد أن ترفض الزواج لأنه متزوج وله أولاده . السيدة مسلوخة الوجه (قبو النار) التي تسقط مع صبي بالصف الأول الإعدادي وبعد أن يتحقق هدفها الساقط تنهره وتحذره من المجئ . رجل مجهول المعرفة كان يجلب النساء لسيده . يفارق السيد بعد الاهانات المتكررة . تأتي إليه النساء ليحقق لهن الهدف من حمل وفك السحر المرغوب والمطرود في آن واحد . رجل يستسلم للمرض يذهب إلى مقام السيدة زينب تصفو نفسه ويشعر براحة نفسية كما رأينا قدم الكاتب تنوعاً في شخوصه وتحليلاته الإنسانية .
2-4 التوازي : يستخدم القاص التوازي أسلوب ضمن تقنيات الكتابة . يأتي هذا التوازي بناء على استنتاج القارئ المثابر صاحب ذاكرة قوية لأن الكاتب كتب كل قصة بمفردها وربما لم يكن يقصد هذا التوازي . فالتوازي ربما لا يعبر عن قصدية فنية وربما هو مقصود فنياً هذا التوازي الذي ندخل إليه كما يلي ينقسم التوازي إلى رجال تتوازى نماذجهم ونساء أيضاً تتوازى نماذجهن .
1- رجال متوازيون :
* رجال عاجزون نجدهم في (حنيفة لا تضرب الودع و صانع البهجة) الأولون يسعون وراء حنيفة التي داوت عجزهم ورحلت – يطاردونها ويريدون الاحتفاظ بها . الآخرون عاجزون عن تفسير ظاهرة الأبناء الذين يشبهون الرجل مجهول المعرفة ويطاردونه لاتهامه بممارسة رذيلة مع زوجاتهم .
- رجل (لحن القول) = رجل (جوقة من اليمامة) الإسراع إلى الآخر الأنثى والتآلف والحب .
- الأفندي (وردات الترتر الأحمر) = الرجل (صانع البهجة) السقوط في الرذيلة .
- الأفندي (وردات الترتر الأحمر = شيخ الخفراء (حنيفة لا تضرب الودع) الاعتداء ومحاولة الاغتصاب الأول حاول الاعتداء واغتصاب السيدة المطلقة . الثاني حاول الاعتداء واغتصاب حنيفة.
2- نساء متوازيات :
- السيدة (سيدة الخمسين) = السيدة (لحن القول) البحث عن الحبيب والشعور بالوحدة والسعي إلى رجل .
- الأميرة ( ما قالته الجارية ) = زوجة الرجل (أمام المقام) الأولى تهمل الأمير وتعيش بين الغلمان الذين يحملونها وهي خارجة من الحمام – الثانية تهمل الزوج وتتهمه أنه يعمل من الحبة قبه .
- الزوجة (الوجه المدبب) = الزوجة (أمام المقام) = الزوجة كالزبد) القسوة وإهمال الزوج .
3- وجهي الحياة :الذكر والأنثى هما وجهي العملة للحياة البشرية ولا يتحقق وجود أحدهما دون الآخر . نجد وجهي الحياة يفرضان وجودهما في المجموعة كاملة فكل قصة نجد فيها الاثنان الذكر والأنثى . لكل منهما محور وجوده . لكن يسعى الكاتب إلى تقديم نماذج متنوعة لكل منهما فمنهم المحب والطاغي والمريض والساعي إلى الحب والمقهور على مستوى النوعين البشريين كما نرى فيما يلي :
(1) الرجل : قاهر ومقهور راغب ومعتدي في (حنيفة لا تضرب الودع- وردات الترتر الأحمر) .
- مكدود ، مكافح ، أديب ، متزوج يتآلف مع امرأة أخرى ، فقير في (لحن القول) .
- مغلوب على أمره ، مطرود ومُهان من سيده ، تلجأ إليه النساء لفك السحر وفك العقم . يطارده أهل القرية (صانع البهجة) .
- ساقط ، متخاذل عن شرفه (ما قالته الجاريه) .
- مجتهد ، مُصر على تحقيق هدفه (السمكة والأحراش – صعود الدرج) .
- منكسر ضاعت أحلامه ، فقير ، تهمله الزوجة (الوجه المدبب – نور كالزبد – أمام المقام) .
- مريض (قاب قوسين – أمام المقام) يذهب لشيخه تعالجه أو إلى مقام السيدة زينب .
هذه وجوه الرجل التي ظهرت في المجموعة .
(2) الأنثى :
- هي المطلب والمسعى إليها حتى لو عنوة ومحاولة انتهاك عرضها والاعتداء عليها لكنها ترفض وتقاوم (حنيفة لا تضرب الودع – وردات الترتر الأحمر) .
- راغبة في الحب والتآلف وتسعى إلى الذكر (لحن القول – سيدة الخمسين – قبو النار – صانع البهجة).
- ساقطة (ما قالته الجارية – صانع البهجة – قبو النار – وردات الترتر الأحمر) .
- مهملة للزوج ولا تشعر معه بالتآلف (نور كالزبد – أمام المقام – الوجه المدبب)
- معالجة للرجل ورافعة للأذى والمرض (حنيفة لا تضرب الودع – قاب قوسين) .
- مريضة (جوقة مع اليمام) .
هذا ما تبرزه المجموعة من نماذج ذكورية وأنثوية في علاقات تتجادل مع بعضها وتتشابك في ارتباط العلة بالمعلول فكل طرف عله للأخر والآخر معلولا له والعكس لأن هذين الوجهين هما وحدة الوجود الإنساني طالما ظلت الحياة البشرية قائمة .
4- المراهنة على القارئ : ليست مصادفة أن تبرز أهمية القارئ مع التطورات النظرية الحديثة كالألسنيه والبنيوية والتقويض برز دور القارئ كعنصر فعال في تناول النص وعملية التحليل والتأويل والسرد والإدراك والقص . جاء الاهتمام بالقارئ كرد فعل على إهمال السياق الخارجي وصب الاهتمام على النص ذاته فجاء نقد التلقي أو الاستقبال ليقلب المقولة ويركز على سياقات النص المتعددة التي تفضي إلى أنتاجه واستقباله أو تلقيه . من هنا كان استقبال النص يستتبع الاهتمام بالقارئ . يمكن تقسيم القراء إلى صنفين : القارئ المفترض والقارئ الحقيقي وغالباً ما يكون القارئ المفترض من اختراع الناقد ولا يدل إلا عليه وهو آلية تساعد الناقد على شرح النص . هناك عدة قراء يندرجون تحت مسمى القارئ المفترض فهناك المروي له وهو أحد أهم الوسائط بين القارئ والمؤلف . هناك أيضاً القارئ المضمر وهو الذي يتحدد وجوده داخل النص كما أن هناك القارئ المستهدف أو المقصود كذلك هناك جمهور المؤلف وهو الشخص الذي يتوجه إليه المؤلف . يوجد أيضاً ما يسمى بالقارئ الحقيقي وهو الشخص الذي يشتري النص ويقرؤه . مع هذا القارئ يصبح الإنسان الحقيقي مجالاً جديداً للنقد الأدبي . انظر كتاب دليل الناقد د. سعد اليازعي ، د.ميجان الرويلي . من الطبيعي أن النص يتوجه إلى جمهور قراء فلو كان الأدب للأدباء أو للمختصين بالأدب لجلسوا في غرف مغلقة معاً للتحاور أو للقراءة في النصوص . من هنا كان سؤال هل الأدب للأدب ؟ أم هل الأدب للأدباء . بالطبع الأدب له جمهور ويتوجه النص دائماً لهذا الجمهور مع وجود هذا الجمهور تقفز أسئلة هامة هل يقوم القارئ بإسقاط اهتماماته ورغباته على النص أم أن النص نفسه يفرز في القارئ الاهتمامات والنتائج ؟ هل ما يملى القراءة والاستجابة هو السياق الاجتماعي الايدلوجي أو التحيز السياسي أم الحالة النفسية ، أم هي الكفاءة ؟ وهل المعنى وإنتاجه في النص أم لدى القارئ أم عند المؤلف ؟؟ لكل ما سبق تركز الكتابات الجديدة على القارئ وتجعله طرفاً في العملية الإبداعية . هذه الكتابات يكتبها أصحابها بأشكال غير تقليديه وينوعون في طرق التناول والطرح كذلك تدخل هذه الكتابات حلبة المراهنة على القارئ ووعيه وقدرته على التفسير وتكوين المعاني وهذا يحيلنا إلى نظرية الاستقبال والاستجابة يتحقق هذا في هذه المجموعة عندما نراه اعتمد على الخيال كما يلي :
1- قصة (عبور التل) يستخدم الخيال الشديد لصعود البطل إلى التل عندما نرى النمر المرسوم على قميص البطل يجبر الماء على الانحسار ليمر البطل فوق الماء ليصل إلى المقر . هنا ترك مساحة خيال للقارئ .
2- قصة (صعود الدرج) شخص يسير أمام البطل حتى يأخذه إلى الصحراء ويتركه . هنا ترك القارئ يبحث عن ماهية هذا الشخص الغائب .
3- قصة (قبو النار) سيدة رغم الصلاة يراها الصبي الراوي خارجة من القبر مسلوخ وجهها . هنا اعتمد الكاتب على الخيال وقدرة القارئ على تخيل المشهد .
4- قصة (قاب قوسين) مريض يذهب لشيخه لتعالجه من الورم . يأتيه في نومه من يداويه فعلا . يساير الكاتب أسلوب التخيل.
5- قصة (جوقة من اليمام) مشهد الخيال في جوقة الحمام والعصافير الذين يحملون البطلة الحبيبة ويطيرون بها بعد موتها .
6- قصة ( صانع البهجة) لم يذكر للقارئ كيف كان البطل يجلب النساء لسيده ولماذا ومن هو السيد . كما ترك الخيال والتأوييل كيف خرج الأولاد والبنات جميعهم يحملون نفس الشبه مما يترك سؤالا هل وقع مع كل هذه النسوة في الخطيئة أم أسباب أخرى بعيدة . ترك كل هذه التساؤلات للقارئ . من هنا نجد أن الكاتب لديه ثقة في القارئ تتمثل في الخيالات المتروكة له لإنتاج الرؤية والتأويل .
§ قدم الكاتب مجموعة رؤى متنوعة بحرفة فنية وخبرة لغوية . وقدرة تصويرية أظهرت لنا نماذج بشرية مختلفة الدوافع ومتوحدة الأهداف كما راهن على قدرة وذكاء القراء .
تمت بحمد الله
القاهرة في : 10/2/2011 رمضان أحمد عبدالله
26511746 – 0106249810