الحَضرة
بقلم رمضان أحمد عبدالله
أنهى الحشد تناول الوليمة التي أعدتها أمي والنساء قريباتنا .
يعوم المكان في ضوء " كلوبين " متواجهين على حائط بيتنا وبيت خالي .
يجلس الشيخ في زيه الأبيض يحزم وسطه شريط قماش ناعم أخضر اللون
وآخران ينزلان من كتفيه إلى خاصرته يتقاطعان على بطنه أحمر لونهما .
بيده طبلة تشبه "غربال" جدتي يسميها الشيخ " بنديرة " .
أطلقت عنان وجداني معه وهو يترنم بكلمات حلو وقعها في نفسي ,
ويردد الحاضرون خلفه .
حميتْ الدائرة مع وهج الكلام يتمايل الجمع وسط روائح البخور التي تدخل الرؤوس
فتثمل العقول .
أفزعنى الهول حين رأيت خالي " خضر " يأكل " القوالح" الجمر منها والمشتعل في
تلذذ وتصيح نشوته .
- يا جدي هووه .
استحضر حديث جدتي حين أخبرتني أن خالي يعبر البحر ماشياً دون عوم
لأنه من " الفرجان " وأن نعشه سوف يطير حين موته . سألتها في شغف .
- هيه أمي فرجانية .
- خالك بس لأن أمه فرجانية .
ظل السهر ممتداً حتى الفجر وأنا يطاردني المشهد حتى قاطع النومَ جفناي
في مساء اليوم التالي حزّمت وسطي وكتفيا إلى خاصرتي
جعلت أضرب على بنديرتي وأتغنى بكلام يهتز معه السامعون الذين تجمعوا حولي .
أحسست أني أتجاوز الرقاب محلقاً وهم يتبعوني مع إيقاع تنغيمي .
تابعت وأنا أكل الجمر أكلي للخيار والزبدة مكملاً سيري الطائر حتى عبرت البحر
وهم ورائي يبتهلون .
أفقت من رحلة سباحتي العالية وجدتهم غرقى جميعاً .
وحدي كنت نشواناً فائقاً .
17/6/2007