عذراء البحيرة

عذراء البحيرة
( قصة قصيرة)
رائد قاسم
يستيقظ الأهالي على صراخ راعية الغنم..
يهرعون من مخادعهم وبساتينهم ومزارعهم فيشاهدون الضحية الجديدة... رأس مقطوع... عينان مخرمتان.. آذان مقطعة.. لسان يتدلى من تغر ينخر بالدماء... يدان مكسورتان وأرجل مهشمة الأوصال....
تبكي النساء ويضج الرجال بالنحيب لتحيط بالقرية آهات حزن وولع رهيبين..
- انه ضحية جديدة لهذه المرأة المتوحشة، ما عسانا فاعلين؟
- لقد أغلقنا كافة الطرق المؤدية للبحيرة ، ورغم ذلك يغامر هؤلاء الشبان الطائشون بحياتهم من اجل الفوز بوصالها ، ولكنهم لا يظفرون حتى بواحد من اصابعها العشرة ، وكل من خرج منهم يطلبها يعود جثة ممزقة الأعضاء.
- لا نستطيع سوى إعادة إحكام إغلاق الطرق ووضع إنذارات كتابية ، وتحذير الأهالي لا سيما الشبان من مغبة الذهاب إلى هذه البحيرة الملعونة.
يتوقف مسلسل القتل البشع قليلا ، إلا أن أهالي القرية يسمعون ضحكاتها الفاتنة ونداءاتها الغناء لتشعل ما في نفوس الشبان من أشواق ملتهبة وعواطف هائجة ورغبات جامحة.....
- لم اعد أتحمل هذه الأنثى، أريدها بأي ثمن وان كان حياتي.
- دعك منها، ستمل يوما وسترحل عن قريتنا.
- ألا تسمع صوتها العذب؟ ألا تشعر بدغدغات كلماتها المعسولة وتوسلاتها اللاهبة ؟
سوف اذهب إليها هذه الليلة ، خاصة وان القمر سيكون في أبهى صوره.
- لا تفعل ذلك أرجوك .
- بل قد عزمت.
..في منتصف الليل يتوجهان إلى الطريق المؤدية للبحيرة.... ضوء القمر ينير الطريق ويزيل وحشة ظلامه الحالك ..
- ألن تكمل معي الطريق؟
- كلا هنا سأتوقف.
يسمعان نداء انثويا ساحرا ...
- تعال يا ماجد.. تعال إنني بشوق إليك.
- إنها تناديني.
- أرجوك ارحم نفسك، ستقتلك لا محال.
- كلا إنها تناديني، إنها تريدني أنا، لا يمكن أن اصدق أن هذا الصوت العاشق لقاتلة محترفة.
- تعال يا ماجد إن ما بين فخذي في شوق إليك...تعال...
... يهرول إليها تاركا صديقه احمد وسط الطريق المظلم إلا من نور القمر.... يناديه بأعلى صوته .. يرجوه العودة لامه وقريته إلا انه يغيب عن ناظريه...
.. يعود احمد إلى بيته ويختبأ في سريره راجيا أن لا يكتشف احد انه ذهب برفقة ماجد إلى البحيرة...
في الصباح يستيقظ على وقع نداءات أهل القرية ، يسارع بالذهاب إليهم ....
- ماجد أين انت ... ماجد اجبنا.
تسأله أمه ...
- احمد أنت صديقه المقرب ألا تعرف أين ذهب؟
- ( بوجه شاحب) كلا. لم اره منذ يومين.
ثم يدير ظهره لها ...
- أخشى انه ذهب للبحيرة.
... يلتفت إليها...
-لا اعلم.
تنهمر دموعها ثم تذهب مواصلة البحث عنه ..
.. يدخل مسكنه باكيا..
- يا الهي ما حدث لك يا ماجد؟ ، هل أصبحت أشلاء ؟، لماذا لم أمنعك؟ لماذا لم اخبر رجال القرية عما تنوي فعله؟ إن قتلتك هذه المرأة فانا شريكها في قتلك.
*********
يذهب احمد إلى كبير القرية...
- آن الأوان ليعلم الناس سر البحيرة وحقيقة هذه المرأة التي تقتل كل من يقترب منها.
يطاطأ كبير القرية رأسه للأرض ...
- اخبرني ما سر هذه البحيرة الملعونة، أليس لي الحق في أن اعرف؟
يستمر في صمته...
- اخبرني أرجوك ، لقد فقدت اليوم أعز أصدقائي وبالأمس وقبله وما قبله فقد أهالي القرية العشرات من خيرة الشبان..
يقف بثبات بعدما عادت له رباطة جأشه ...
- استمع إلي يا احمد.. منذ نصف قرن قتلت فتاة عذراء ظلما على شاطئ هذه البحيرة.
تنتاب احمد صدمة عارمة من كلام كبير القرية...
- كيف قتلت ولماذا؟
- كانت إحدى أجمل الفتيات في قريتنا، في يوم ما انتابها مرض غامض، أذى إلى انتفاخ بطنها، فظن شقيقها أنها حبلى، فقرر القضاء عليها ، فقتلها على ضفاف البحيرة في ليلة مقمرة ، ورماها في مياهها ، وعندما طفت جثثها انتشلها الاهالي وتبين لهم انها لم تكن حاملا ، ومنذ ذلك الحين ظهرت لنا هذه الجنية الملعونة ، وأصبحت تقتل شباننا بين الفينة والأخرى ، وتحولت البحيرة التي كنا ننتفع بسمكها ونتنزه في محيطها مكانا ملعونا لا يجرؤ احد على الاقتراب منه ، إلا من هؤلاء المغامرين الذين تتفنن في قتلهم .
.. يغادر احمد منزل كبير القرية وهو متعجبا مما سمعه منه، يحاول النوم دون جدوا، يخرج من مسكنه باتجاه الطريق المؤدية للبحيرة..
- اين انت يا ماجد هل اصبحت في عداد القتلى ؟
يخلد للنوم .. يرى في حلمه فتاة ممشوقة القوام.. بيضاء كالثلج ، شعرها الاسود الغجري ينساب كجداول مياه صافية ليغطي جسدها الساحر.
- اين ماجد هل قتلتيه؟
- كلا ليس بعد انه شاب ليس كغيره.
- ماذا تقصدين؟
عندما أهم بقتل أحدكم ، أشمه فان كانت نفسه دنيئة اقتله فورا ، ولكن عندما يكون ذا نفس زكية أفكر مليا قبل ان اقتله وربما اعفوا عنه .
.. يستيقظ من نومه ليرى أشلاء آدمية مقطعة... يصرخ صراخا مجلجلا
.. يقبل عليه بعض ابناء القرية فيشاهدون راسين مقطوعتين ، وجثتين بلا أطراف ، والكلاب تنهش فيهما وتبقر بطنيهما ، فيما تتصارع الدواب الصغيرة لمص دمائهما واكل مختلف الأشلاء ...
... ينقل الأهالي الأشلاء إلى المقبرة ومشاهدها المروعة لا تغيب عن مخيلتهم ، لتكون اجواء حزن وتعاسة ليس لها نظير ، سببها مسلسل قتل دموي مجنون.
يستلقي احمد على فراشه، وقد تمكن منه اليأس، إلا انه يسمع صوتا طالما تمنى سماعه...
- احمد اجبني إن كنت هنا.
... يسارع إلى فتح نافذته فيرى صديقه ماجد ، يهم اليه معانقا ومباركا على سلامته
- لم تقتلي يا احمد، لقد تمكنت من النجاة.
- اخبرني ماذا جرى لك بالضبط؟
- لقد رأيتها ، انها جمالها اكبر من الحلم وفوق المستحيل، انها اجمل مما يمكن ان يتصوره انسان ، لا استطيع ان اتخيل للحظة ان هذه المرأة الفاتنة ليست سوى قاتلة محترفة ، تقتل ببشاعة ليس لها نظير.
- خذني اليها.
- ارجوك لقد رحمتني انا ولكن قد لا ترحمك انت.
- هيا بنا.
- ربما تقتلك يا صديقي.
يتوجهان الى البحيرة .. يسمعان ضحكاتها ألمغرية...
- اقترب يا احمد ، ادنوا مني ، ان نهودي مشتاقة للمسات أصابعك الحانية . ... يتصبب العرق من جبين احمد، بينما يتجمد ماجد في مكانه وكأنه فقد القدرة على الحراك... يقف احمد بصعوبة بالغة على ضفاف البحيرة ، يلمح فتاة هائلة الجمال أضاء القمر جسدها العاري ما تلبث أن تضحك ضحكات متناغمة مع الهواء العليل لتضفي جوا من النشوة العارمة...
- انت التي قتلت كل هؤلاء؟
- ( بابتسامة ماكرة) انا من فعلت ذلك يا احمد ، انا من قتلتهم وسوف اقتل المزيد منهم .
- ايعقل ان يختبأ الشيطان في صورة ملاك؟
- ( باستعلاء وزهو ) انظر يا احمد الى جسدي الرائع، هل تريده ؟ هل ترغب فيه؟
- لا يوجد رجل على سطح هذه الارض لا يرغب بجسد أنثوي فاتن كجسدك.
- أنا الآن عارية أمامك ولكنك لا تستطيع حتى الظفر بأحد أظافري، أليس هذا امرأ طاعنا في رجولتك ؟
- تعال يا احمد، اقبل على جسدي، انه لك وحدك في هذه الليلة القمرية الصافية.
.. يتصبب العرق من جبينه بغزارة .. تنتابه الرغبة الجامحة . تقترب منه قليلا فيرى تفاصيل جسدها الذي ينعكس عليه ضوء القمر لتتحول إلى حورية من رياض الجنان.
ترقص في وسط مياه البحيرة على نور القمر وأشعة النجوم ونسمات الهواء المنعشة... تقترب منه اكثر ، بينما يظل واقفا وكأنه ينتظر لحظة الوصال الشبقة..
- كلا يا احمد ابتعد عنها فورا.... ستقتلك يا صديقي.
تقترب منه اكثر ... يصحوا من سكره على وقع حجر يصيب رأسه... يلتفت خلفه فيرى صديقه ماجد يناديه بأعلى صوته... تقترب منه بشدة وهي ترقص رقصة الموت... يتمالك نفسه ويهرول بعيدا باتجاه ماجد ، يمسكان ببعضهما البعض ويفران بعيدا لينجوان بحياتهما ، بينما تختفي العذراء بعد ان تصرخ صرخة مدوية وكأنها تنهي حفلة دم لم يكتب لها النجاح...
يقرر الاهالي دفن البحيرة لتزول لعنتها وتدفن فيها العذراء الى الابد.

الأستاذ رائد قاسم:
الجرأة في الكتابة لا تعني أن نكتب جمل بلا هدف أو معني
وليس لها علاقة بأي نوع من أنواع الأدب ولا تنتمي إلي سلوكيات كاتب أو أديب
عندما تكتب أو تنشر عمل من أعمالك فهي بمثابة رسالة لكل الفئات وكل الأعمار
ولكل البشر وقلمك أمانة لا تجعله مثل هذا أو ذاك للأنه لن يبقي أجعل قلمك متفردا
يكون نظيفا وينتقي الجمل الذي يكتبها قد علمونا من هم أكبر منا أن الأدب الأخلاقي
قبل الأدب المكتوب قصتك تحتاج إ لي إعادة كتابتها بشكل أفضل لأن بها جمل لا
لاتليق بمكانتك الأدبية ولا تليق بالمنتدي الذي نعتبرك واحد منا فيه المنتدي بيتك
فهل يعقل أن تدخل علي أهل بيتك بشيء لا يليق قد قرأت لك قصة جميلة وهيي النار
وكانت رائعة وكنت أتمني أن تكون قصصك مميزة علي الدوام وان تنال الأحترام
وأن تكون في مستوي أعلي وليس متدني وان كنت ممن يعشقون هذه الأنواع الغير
مهذبة فمكانك ليس هنا معنا