سعيد الصاوى بين الخوف وقلبين من دهب
دائما ما أردد أن القصيدة أو الديوان قد يكونا السيرة الذاتية للمبدع وهنا ومع هذا المبدع الجميل أردد أن القصيدة فى أغلب الأحيان تتسم بسيمات صاحبها بهدوئه ، بانفعاله ، بثقافته ، بضحالته ، بـ 0000 ، نعم وتقترب من هذا الاتساق والإلتصاق والتأثر والتأثير كلما كانت صادقة التجربه وحديثة المعايشة أو بمعنى أدق فى حينها أو كما يقول العامه " وهى والعه "0
كان لا بد من هذه المقدمة الصغيرة لأنها مقياس لحديثنا اليوم عن سعيد الصاوى هذا المبدع الكبير الخلوق المهذب والهادىء والأهدء اذا انفعل ؟؟!! 0
قد تتعجب أخى القارىء لكنها الحقيقة فقد تلمح فى وجهه غضبا شديدا فتظن أنه سينفجر ولكن تفاجأ بأن تعبيراته هادئة وعقلانيه تطفىء النيران المشتعلة فى الأخرين من حوله 0
كفى تغزلا فى الشاعر الصديق الذى لم أجد له سيرة ذاتية فى ديوانيه وهذا مما اعيبه على كثير من اساتذتنا وزملاءنا المبدعين فهم بهذا التجاهل لأنفسهم يحرموننا من التواصل مع المبدع حين الكتابة عنه والقراءة له
ولنبدأ رحلتنا مع سعيد الصاوى0
" قلبين من دهب " بالتأكيد لم يكن المقصود أنهما من المعدن وانما من بريقه وغلوه وقيمته ، وهذا العنوان للديوان الثانى لشاعرنا بداية الأدله على ما ذكرته فى البداية من اتخاذ القصيدة سيمات مبدعها صاحب الخلق الرفيع وهاهو الإهداء الذى يغنينى عن تقديم اية ادلة اخرى يقول:
" الى كل من عرف قلبه الحب والحنان 00 فعاد كما خلقه الله انسان 00 اهدى هذا الديوان "
نعم ان قضية سعيد الصاوى هى الانسانيه المفتقده بين البشر هى الفطرة التى خلق الله الناس عليها وأمنهم أمانتها فأضاعوها 0
هذه الإنسانية هى أعمدة ديوانه الأول الذى كتب معظمه فى غربته عن وطنه وأهله والذى عنونه بـ" خايف "
والذى كنت أتمنى أن يضع بعدها علامة استفهام "؟" فتتحول من خبريه الى استفهاميه تعطى حركه وانفعال وتجاوب معها من المتلقى0
وفى الحقيقة أن سعيد الصاوى احسن الدخول الى الديوان من باب قصيدته الرائعة " مرغم بمحض الإختيار " والتى يرغم على القاءها فى الندوات بناء على طلب المتلقين ومنها:
دمرنا بإيدينا الخضار 00 وزرعنا اسمنت وحديد
ورفضنا نتنفس هوا 00 ورضينا نتنفس صديد
أرأيتم كيف بكلمات بسيطه فجر الشاعر أحد المشاكل الرئيسيه التى تواجه مصر بل تأمل كيف عبر عن المشكلة الأخطر:
حتى الأصيل اللى اتبنت على ميته اكبر حضارة
ما بقاش مهيب وبيشتكى من عشق ناسه للقذاره
ولاعدش من داق ميته مره يعود له باشتياق
ولا عدش شىء فى القلب يوجع فى الضلوع وقت الفراق
دعونى أخرج من الأسلاك الشائكة لهذه القصيدة التى تحتاج الى صفحات وصفحات ولندلف الى هذا المعترك ونتأمل كيف تعامل معه هذا المهذب جدا:
أنا كنت فاكر لما جيت 00 إنى اتيت بلد الرسول
ناسه صحابه وتابعين وما يعرفوش الا الأصول
ولقيتنى واهم واكتشفت ان المنابع والأصول
للظلم طاله من هنا00 وبيدرسوها فى الفصول
علشان اذا كبر الولد طبعا ضرورى يكون كسول
وفلوسه تقدر تشترى له فى كل طقه اتنين عجول
وتجيب له كام راس أدمى ويقول لهم اسمع هاقول
انتم هنا عندى عبيد وماتملكوش غير المثول
وطبعا كل من سافر الى الخليج يعرف باقى قاموس الإهانات ، وبالطبع عاد شاعرنا هاربا من هذا الجحيم ولكن:
كنت عايش عمرى بره 00 جيت وجايب الشوق بقوه
جيت وباحلم اعيش حياتى 00 والحماس كان اللى هوه
انما بصيت لقيت لك 00 كل مطرح فيه فتوه
يمنعونى ارفع دماغى ويقولو لى خش جوه
هنا يتضح خوف الشاعر جليا ولا يملك ساعتها الا أن يقول:
باكتب قصايدى بالألم 00 مش بالقلم
وبدم قلبى باصبغه وارفع علم
على تل احزانى وقلبى اللى اتصدم
هكذا كان خوف سعيد الصاوى فى ديوانه الأول ولكن لم يستمر كثيرا فجاء بقلبين من دهب يحمل فى طياته دفء المشاعر وهدوء السريرة ورحيل الخوف وخلاصة حكمته الشعرية :
أصل الأساس فى الحب قلبين من دهب
حطى الرماد فوق اللهب
وسبينا نعشق بعضنا
من غير سبب
واذا كنت مش قادره تكونى زينا
فبلاش تكونى 00 أبو لهب
أرأيتم كيف يتجه حرف سعيد الصاوى ومن أين ينبع ولذا هو يتميز ببساطة عمقه وعمق بساطته تأمل:
وحشتينى ورب الكون وحشتينى
ومش محتاجه أحلف لك يانور عينى
يا فرحة عمر كان قرب ينسينى
فؤاد سارح ما بين روحى وتكوينى
ان سعيد الصاوى دون قصد يتجه قلمه الى دواخله ومشاعره فيحلق فى العمق ويعمق فى التحليق ، لن أتحدث أكثر من ذلك وانما سأترككم مع هذا المقطع الرائع الذى شكل فيه من اسمه احاسيسه المتدفقه ومشاعره الصادقه:
والاسم00 اصبح له كيان
والزهر فتح فوق حروفه كلها 00 قبل الأوان
واتفرقت كل الحروف 00 ولا عدش يسكنها شجن ولا حتى خوف
مره تكون عاقله وتلبس توب حنون
وف ثانيه تبقى معفرته 00 تركب حصان مجنون
عملت لاسمى الف معنى والف لون
" السين " سفر 00 عند القمر
نسند ضهورنا عليه ونتمدد على حبة نجوم
نرتاح ومانحبش نقوم 00 نملك براح الكون
فجأه لقيت السين بقت بجناح
سابت بقيت اسمى وراحت فى البراح
فلقيته 0000000" عيد "
" العين " 00 علامات الهوى رسمت على عيونى
فرحه تنور لى طريقى وتنتصر على ليل ظنونى
وف لحظه القى العين بتتنطط وبتظاطط وتتمايل على نغمة جنونى
وتنتشى 00 تجرى على الشط البعيد
فلقيت حروف الاسم من غيرها بتتجمع
وتعمل منى 0000000000000 " سيد "
" الياء " يادوب خطى فؤادى فوق حدود الشرنقه
والفرحه جوه العين يمامه محندقه
تشتاق لحضنك واللقا 00 تجرى عليك 00 لما تلاقيك
وتشوف حلاوة بكره فيك وف الانتظار
عدت ثوانى العمر عد 00 والقلب اصبح مستعد
يستقبل الفرحه وينسى من جديد كل المرار
وف عز افراحى بلحظة الانتصار ع الانتظار
بصيت لقيت الياء بتتشعبط على جناح النهار
وتعوم فى بحر الانمبهار
ولقيت حروف الاسم تانى بتتلضم
نامت على موج البحاااار 00 جزرين 00 ومد
فلقيته 00000000000000000" سع "
" الدال" دموع على كل يوم عدا من العمر ومضى
واللا انقضى 00 من قبل ما تطلع على قلبى وتشرق فى الفضا
ويفيض حنانك تنشر الخضره وترسم بالندى احلام كتيرة مورده
والقانى تانى باتولد وابكى ولكن 00 م الفرح
افتح عيونى والتقيك فارد ايديك
والقاك مسحت الضلمه م العمر اللى جى
وزرعت ضى خلا حروف الاسم تبعد عن حدود الدال
تمشى بدلال وبصدق وشوية خيال
بصيت لقتها كونت مع بعضها
مركب وبتعدى المحالا
ولقتنى لما ركبتها عديت حدود الممكنات والوعى
ولقيت حروف الاسم للفجر اللى طالع 000 " سعى "
الشاعر/ ناصر صلاح