كان وكانت.. ثم أصبح واصبحت...
لم يحدث يوما أن تعجب الناس كيف لهذه السمكة ان تعيش كل هذه المدة على اليابسة، وكان من السهل عليهم أن يعتقدوا انها ميتة، ولكن كيف وهى لا تتوقف عن القفز فى كل الاتجاهات ، ولكن عجباً... ليس نحو البحر أبدا.
وذات يوم ردد الناس قصة البحار الذى ضلت سفينته الطريق فاتخذ سبيله فى البحر عجبا، حتى أوصلته الامواج الى مدينة" السحاب الابيض".
وبعد ثلاثون يوما من الترحيب بالضيف الغريب أفشوا له سرها.. ولانه يؤمن ان كل شىء لابد ان يكون فى مكانه المناسب سعى ورائها، عازما على أى شىء، حتى لو جعل لها اليابسة " بحرا".
إلتقيا ولكن دون لغة مفهومة أو اشارة واضحة ، انهما ليس حتى بالانس والجن معا.. خاطبها بعينه ولكنه تذكر ما قرأه فى الأساطير ان عيون الأسماك دائما تخبرك بأن العيون ما هى إلا حواجز زجاجية لا صدق فيها ولا كذب..
أشار بيديه، ولكن كيف يتأكد انها تفهمه؟ فتكلم ، وما يدريه أنها تسمعه؟
لذا لم يكن لدى ذو الرداء الأبيض فى المدينة البيضاء إلا هذا السبيل...
وفى الصباح الباكر فؤجى أهل المدينة بظهور فتاة فى غاية الجمال والسحر بصحبة الشاب التائه ، فأصابتهم الدهشة وتسألوا؟؟؟؟؟
وبينما كان يتم تجهيز السفينة للرحيل كان يروي لها أساطير البحارة والتي من بينها أسطورة ( تمنت أن تحياها معه) أنك إذا اصطدت سمكة ثم قبلتها من فمها وألقيتها في البحر مرة اخرى ستنجب أسماك تنشر الحب والسلام تحت سطح الماء ...
وكأنه البحر بأسراره، أفشى لها سر كيف انه وهو صغير كاد أن يحترق لولا" يا نار كونى بردا وسلاما على ابراهيم".
كانت ترغب في أن تقبله ، نعم ، لن تخجل من ذلك لأن معه وحده ستعني القبلة معاني آخرى غير الرغبة وغير الشهوة .
لن تخجل أن تنزع عنه ملابسه ( التي يحرص دائما على أن يكون فيها اللون الأبيض، لون جسده ، ومن قبل ذلك لون قلبه ) لتلصق جسدها بجسده الناعم ، فحينها ستفعل ما لم تستطع اي حواء فعله ، ستعيد إلى آدم ما أخذ من ضلعه كي توجد هي .
لن تخجل ان تدفن نفسها بين أحضانه الدافئة دون خوف من مد أو جزر مشاعره ،
دون خوف من لحظة موج عاتية، وستمطر السماء عليهما ، ولن يكون المطر مجرد صدفه ولكن ليحميهما ويمحي عنهما أحزانهما التي عاشاها وهما بعيدان وقريبان في الوقت ذاته...
كانت تبتسم في هدوء الملائكه وتشعر بأنها تملك العالم عندما أخبرها انه سيصنع لها سفينة حب ، سيكون كل شئ فيها مصنوع من الحب ، هو ربانها وهي شراعها ، ولن يكون بها أحد سواهما ..
ولكن؟؟
إنفرد الشراع وجاءت لحظة الوداع... يا ترى من يودع من؟؟
وكما جاء وحده.. كما عاد..
ما عاشه معها وبدونها جعله يوقن بأن المحبين حقا هم من لم يلتقوا بعد .. وان من وجد إنسان وبقى معه، ما هو فى الحقيقه إلا صورة استدعاها لتحل محل الحلم حتى يتحقق، أو الطرق حتى التلاقى فيها، أوالغائب حتى يعود..